الأحد، 10 يناير 2010

جريدة حكايات .. في المطبخ..!!

(1)
ذات يوم قالت لي جدتي:

- والله جريدتكم دي سمحة خلاص.!

تعجّبْتُ من كلامها، وأنا أعرف تماماً أنها لا تقرأ ولا تكتب، ولم تكتشف بعد أن حرف الواو غير منقوط، ولا تعرف حتى الآن هل يتجه حرف الدال لليمين أم للشمال؟. ولكن فيما بعد عرفت أن جدتي كانت لديها مشكلة في العثور على ورق جرائد جيّد، بحيث يتشرب بـ الزيت الناتج عن تحمير البطاطس دون أن يلوث البطاطس نفسها بالحبر.. إذن فقد حُلت المشكلة جذرياً.. ووجدت جدتي ضالتها في جريدة حكايات ذات الورق الممتاز والحبر الأصلي، ولكنها طمأنتني بأنها تقطع صورتي وصورة (منى سلمان) أولاً قبل استخدام الجريدة، ثم أضافت مرة أخرى:

- والله ما شاء الله ورقها سمح.!

قلت لها: ونِعْمَ بـ الله.!

(2)

صدق أو لا تصدق!!

أحد زملائنا أيام الجامعة كان راجعاً إلي أهله في القرية، ركب الباص، وصادف أن كان في المقعد المجاور له فتاة في غاية الجمال والإبداع، وحسب وصفه أنه لو رآها أحد أعراب الجاهلية لـ أناخ ناقته ونظم فيها عشرة آلاف بيت من الشعر العمودي، وكانت جالسة علي جهة الشباك، وزميلي هذا من (التمباكين) الأشاوس، الذين لا يخافون في (السعوط) لومة لائم، قرر أن يُدردش معها قليلاً، ليس من أجل عيونها العسلية، ولا حواجبها المقرونة، ولكن ليقنعها بأن يجلس في مكانها، فكرسي الشباك مُهم جداً لـ (التمباكين)، فهو عندهم أهم كرسي الخلافة في العصر العباسي، ففتح معها كذا موضوع، وحاول أن يستدرجها شيئاً فشيئاً ليقنعها بـ إخلاء (كرسي جابر) هذا، ولكنه عدل عن الفكرة بأن يريها بياناً بالعمل، فأخرج كيسه السمين، وكوّر (سفة) ذات طول وعرض وارتفاع وتشغل حيزاً من الفراغ، وأودعها شلاليفه، ثم شفط من الكيس نفساً مستميتاً على مرأى عينيها و(اليحصل يحصل)، وعندما أراد إرجاعه لجيبه التفتت إليه الفتاة وقالت له بلهجة مهذبة:

- عليك الله كدي كيسك ده دقيقة يا أخ!.

أعطاها الكيس بتوجس، وتوقع منها أن ترميه بالشباك، ثم تسمعه خطبة عصماء ودرساً بليغاً في الذوق والأدب أمام الحسناوات، إلا أنها أمسكت الكيس مسكة محترف، وفركته فركة خبير، ودردمت لها سفة صغيرة، ووضعتها في فمها بهدوء مثير للارتياب!! واستنشقت من الكيس ما فيه النصيب، وأرجعته إليه شاكرة، ثم قالت:

- كيسك ده من قبيل كان وين؟ والله راسي داير يطق عديل!.

صاحبنا هذا طنطن بكلمات غير مفهومة، وأستقر على أن يقول:

- خليهو معاكي أنا عندي كيس تاني!!.

(3)

ربيع مافي.!

تقسيم فصول السنة يثبت بحق أن ابن آدم خلق في هذه الدنيا لا ليرتاح فيها، فإذا نظرت إلي الفصول تجدها كلها لا تخلو من المشقة والتعب، الصيف به السخانة والذباب والغبار، الخريف يستلم ملف البعوض والضفادع، الشتاء تجد فيه (نزول البرد الحار)، الربيع يتميز بأنه لا يوجد في خارطة فصولنا، والسبب هو خط الاستواء طبعاً، يا ليته كان يمر بـ (ألسكا) أو (سنجابور) حتى ننعم بـ فصل الربيع الذي سمعنا عنه (طشاشاً.. طشاشاً) أنه ليس فيه سخانة ولا برد ولا كتاحة ولا غبار عالق، وفيه تتفتح الأزهار، وتحوم الفراشات حول الزهور، وتختفي الشمس خلف الغيوم، ويداعب الرزاز الوجوه، وشنو ما عارف، هذا ما يحدث في أوروبا وهاواي، أما ربيعنا عادة ما يُستبدل ببعض (الكتاتيح) من باب (سد الفرقة)، اللهم لا اعتراض في حكمك، ولك الحمد يا مستوجب الحمد دائماً، على كل حال حمد فانٍ لـ دائم.!

(4)

بلا تعليق!!

حكى لي صديقي -الذي أكرمه الله بـ اللوتري- طرفة حدثت لـ سوداني ذهب إلى أمريكا عبر اللوتري، وكان جديداً في البلد، ولا زال (مخلوعاً) و(طاشي شبكة)، وفي يوم ما كان يتمشى في شارع مهجور تحيط به الأشجار ومن النادر أن يأتي به أحد، وصاحبنا هذا أراد أن يُلبّي نداء الطبيعة بعد امتلاء مثانته، أختفي خلف شجرة صنوبر –على ما أعتقد- ثم تبوّل تحتها، وقبل أن يقوم من مكانه أحاطت به عربات الشرطة الأمريكية وهي تطلق صفافيرها بصوت مرعب، واعتقلوه بتهمة أنه (زول خلا ساكت)، وارتكب جريرة التبول تحت شجرة بحالها على الرغم من أنه يوجد حمام على بعد كل مائة متر، وأحضر رجال الشرطة اختصاصيون أحاطوا المنطقة بشريط أصفر مخطط بـ الأسود، وفحصوا التربة بآلات معقدة، ربما ليتأكدوا من عدم تلويثها بغاز الأعصاب على ما أظن، وصاحبنا دفعوه غرامة مائتي دولار، أي ما يعادل أكثر من أربعمائة ألف بـ الجنيه القديم.!

(5)

السؤال الصعب

يُحكى في طرفة أن أحد الأطفال سأل أمه ببراءة ذلك السؤال الأزلي الذي يسأله الأطفال ولم توجد له إجابة شافية حتى الآن:

- يا ماما أنا كيف جيت كيف؟

تحيّرت الأم، وبعد جهد جهيد وتفكير عميق، نحتت له شطحة مفادها أنها وضعت ملعقة سكر تحت مشمع أرضية المطبخ، وفي الصباح رفعت المشمع ووجدته.!!

صدق الطفل هذا القول ووضع في قرارة نفسه أن يخوض التجربة، فـ إذا كان إنتاج الأطفال بهذه السهولة فهو يرغب في امتلاك واحد، فعلها، غفل أمه ووضع ملعقة سكر تحت المشمع، وفي الصباح رفعه متشوقاً ليرى مولوده الجديد، فإذا به يجد جندباً كبيراً، فقبضه بـ يديه الصغيرتين وخاطبه بصيغة العاقل البالغ المكلف:

- والله كان ما ولدي كان كتلتك.!!


0 التعليقات:

إرسال تعليق