الخميس، 7 يناير 2010

القابلة عريس..وولدك في نفس السنة دكتور!

(1)

نحن قوم تحيط بنا (العُقبالات) و(القابلات) من كل جانب، وحتى لا تفكر كثيراً، فـ (العقبالات) هنا هي مفرد (عُقبال)، وهي تلك الكلمة التي تُقال بعد كل مناسبة سعيدة تحدث لك، مثلاً إذا دخلت المدرسة الثانوية يدعون لك: (عُقبال الجامعة).

أما (القابلات) هنا ليس بمعنى (الدايات)، صحيح أنها جمع (قابلة)، ولكن أعني بها تلك (القابلة) التي تعني (عُقبال)، فـ في كثير من الأعياد تسمع عبارة (القابلة عريس).!

(2)

سأبدأ معك رحلة تثبت بالدليل القاطع أن حياتنا تبدأ بـ (عُقبال) و(قابلة).! واحدة منهما تٌقال لـ والدك قبل زواجه (القابلة بيت مال وعيال)، والثانية تقال له بعد زواجه (عقبال تبقو تلاتة).!

وتستمر عبارة (تبقو تلاتة) تلاحق من تزوجا حديثاً حتى تبدأ علي الفتاة معالم قدوم ضيف جديد، وعندما يخرج هذا الضيف إلى الحياة، وقبل أن يفتح عينيه تسمع أمه دعوات من نوع (متين يا علي تكبر تشيل حملي) وتكون:

- إن شاء الله بكرة يكبر ويبقى دكتور.!

- بكرة يكبر ويبقى جمل الشيل.!

وبعد أن يدخل الطفل (الروضة) يدعون له عبر أمه أن (عقبال يدخل المدرسة)، وبعد أن يدخلها تتحول العبارة إلى: (عقبال الثانوي).. وقبل أن يكمل الثانوي تتغير الصيغة إلى: (عقبال الجامعة)، وقبل أن يتخرج تكون: (عقبال الوظيفة). وبعد الوصول لهذه المرحلة يستريح المدعو له من تدفق سيل الدعوات عليه ردحاً من الزمن، فـ الوظيفة في كثير من الأحايين لا تأتي بـ الهيّن، ولكن ما أن يُوظف في عمل ما وتأتي المناسبة حتى تبدأ عجلة الدعوات في الدوران من جديد، وهنا تكون كلها محصورة في نطاق: (القابلة عريس)، وبعد أن يقول: (آآمين) يتبعونها بـ: (العرس متين)؟ .. وإذا حدث وتزوج الرجل تتم إعادة ذات الدائرة التي تبدأ دورانها من النقطة:

- عُقبال ينفعوك أولادك!!

(4)

من الملاحظ أن الكثير من الناس لا يجيد إدارة دفة (العُقبالات) و(القابلات) علي نحو جيد، - مثلاً - بعض الأقارب والأباعد كانوا يقولون لي في الأعياد: (القابلة عريس)، وحينها لا زلت في الصف الأول الثانوي، وبما أن (القابلة) تعني (السنة المقبلة) فهذا يتمنى لي أن أتزوج في (الصف الثاني ثانوي)، ولست أدرى هل هذا يدعو لي أم يدعو عليّ، فهذه تعتبر (قابلة مستحيلة).!

سأورد لك مثالاً لـ (قابلة) غير منطقية: بعد أن دخلت الجامعة وتخصصت في مجال (الإحصاء التطبيقي) والكثيرين من الأهل والأحبّة يعلمون هذه المعلومة الإستراتيجية، ورغم ذلك تكون آخر دعواهم (القابلة دكتور)، ويقصدون طبيب، فـ مثل هذه (القابلة) من الصعب أن تتحقق، وهذا يدل علي أننا نحب إهدار (العُقبالات) و(القابلات) في غير فائدة، فـ الأهل يدعون لك بـ أمنيات أحياناً تكون من الاستحالة أن تتحقق، ومرات أخرى تكون أنت من حيث المبدأ لا ترغب فيها بتاتاً.!

(5)

علي جانب آخر تسمع عبارات تدل على سعة أفق قائلها، وتُدلل على حياده في أن يترك لك تحديد (قابلتك) كما يحلو لك، مثل قول البعض:

- السنة الجاية زي ما إنت عايز.

أعتقد أن هذا أفهم القائلين، فـ هو قد كتب لك دعوة علي بياض موقعة باسمه ولك أن تضع فيها ما تريد، ومثلها تلك اللازمة:

- ربنا يحقق الأماني.

واعتقد أن الدعوات المفتوحة هذه أفضل من المقيدة، لأن الأخيرة هذه غالباً ما تكون في غير ما تريد.

ولدي اعتقاد آخر وهو أن البنت أقل حظاً في قسمة (القابلات) و(العقبالات)، فهي لا تمر بكل المراحل أعلاه فكل الأمنيات والدعوات التي تُصب علي رأسها تأتي علي شاكلة:

- (القابلة في بيتك).

وأحياناً يتم تتغير إلى:

- (ربنا يرزقك بي ود الحلال).!

(6)

ونحن في طريقنا للختام إذا نظرت للموضوع من جانب آخر تجد أننا شعب لا تُستجاب دعواته بسهولة، تخيّل كم مرة في كم عيد دعا لك الأهل والأحباب بتلك الصيغة: (القابلة عريس)، وأحسب كم (قابلة) أقبلتْ عليك وولّت ولا زلت (عزابياً) يشار له بـ البنان، ولو اُستجيب لربع هذه الدعوات فمن المفترض أن يكون ابنك في المدرسة.! وقد تُلاحظ كذلك أن بعض الدعوات يُستجاب لنصفها فقط، تأمل كم عريس دعوا له بأن يرزق بـ (بيت مال وعيال)، ومرت السنين، أتى (العيال) .. ولم يأت (المال)، ولا تنسى أن تنظر من حولك لـ عدد الذين دعوا لهم بـ (الوظيفة) و(الزواج) .. ولا زالوا عطالى .. ولم يتزوجوا.!

نسأل الله أن يحقق الأماني للجميع .. وكل سنة وأنتم طيبون .. وكل عام والجميع بألف بخير.

0 التعليقات:

إرسال تعليق