الأحد، 10 يناير 2010

تأثير الأطفال على التلفزيون .. والريموت كنترول!!

(1)

الأطفال، قبل أن تنمو لهم تلك الأسنان الأمامية، قبل أن يتعلّموا الكلام والمشي و(اللماضة)، يكونون في منتهى الوداعة والجمال، ولكن ما إن يصلوا هذه المراحل أعلاه، ويتدرجون في السنوات ليصلوا إلى السادسة والسابعة، حتى يبدءون في التحول إلى كائنات مزعجة وأحياناً (قليلة الأدب)، وستتأكد من كلامي عندما ترى بعينك طفلاً يمعط شعر أخته الصغيرة، أو يصرخ بالقرب منك عندما تكون مُنهمكاً ومستمتعاً بقراءة كتاب عن (تاريخ زراعة الفِجل في اندونيسيا) –على سبيل المثال يا شيخ- أو تجده حاملاً مسمار طويل وفي عينيه شرارة الاكتشاف، مُتجهاً بثقة نحو أقرب فيشة كهرباء، ليدخل فيها المسمار بالطبع، حتى تضطّر أحياناً أن تستخدم معهم تطبيق نهج مدرسة جحا التربوية، فـ جحا له منطق عبقري في هذا الشأن، عندما أراد إرسال ابنه بكيس نقود ليسلّمه لشخص آخر، إذ صفع ابنه صفعة مُدويّة لينذره من ضياع كيس النقود، وكانت حجته في ذلك انه لن يجني شيئا من صفع الطفل بعد إضاعة الكيس، أما الآن فان الصفعة ستؤلمه إلى حد انه سيبذل جهداً كافياً ومُقدّراً لكي يتلافى صفعة أخرى .. والله نِعم المنطق يا شيخ جحا.!

(2)

مرّ عليّ في أحد أعداد (حكايات)، في صفحة القضايا المنسية خبر أطفال قبضهم البوليس وكانوا يتسلّون بقطع آذان وذيول أغنام الحي التي كانت ترعي وتُمارس هوايتها في حكّ بطونها بـ الجدران في أمان الله، وقد اشتكاهم أحد المواطنين وهو يقود خمسة أغنام من الضأن المقطوعة الذيول وواحدة من الماعز مقطوعة الضرع، وقد كان هذا الحادث في 30/10/1957م ونشرته صحيفة الرأي العام آنذاك.

طفل يستمتع بقطع آذان الأغنام، مثل هذا لا شكّ أنه مشروع سفّاح أو زعيم عصابة المافيا على الأقلّ.!

أما الأطفال الذي يتسلّون بخنق القطط، فهؤلاء من الكثرة بحيث لا يمكن حصرهم، ومعظم الأطفال إذا وقعت قطّة صغيرة في يده، سيمثّل بها شرّ تمثيل، وأذكر ذات مرّة رأيتُ مجموعة من الصغار قد قبضوا على فأر، وصنعوا (كارو) صغيرة ذات عجلات وبها حمولة ثقيلة، وربطوها على ظهر الفأر، وصاروا يجلدونه جلداً مُبرّحاً بسوط صغير حتى كاد أن يستغيث، فـ أدموا مؤخرته النحيلة، وكانوا يحثونه على الجري بأساليب تعذيبية لم يسمع بها أهل غوانتنامو بعد، هذا الفأر التعيس لو كان يدري ما المحاورة اشتكى، ولكان لو علم الكلام لـ لعن اليوم الذي أوقعه في أيدي هؤلاء المساخيط.!

(3)

بالتأكيد سيكون قدْ مرّ عليك كثير من أصناف هؤلاء الأطفال، ممّن يستمتعون بجذب ذيل القط، وتكسير الكبابي والصحون والقذف بـ الأحجار، وشتم الضيوف وعابري السبيل والعاملين عليها، حتى تظن أحياناً أنه لا توجد طريقة لتهذيبهم سوى ربطهم في ساري سفينة في قلب المحيط الهندي، ثم نسف هذه السفينة بقنبلة نووية من على البعد.!

عموماً هذه مرحلة يمر بها مُعظم الأطفال، وبعدها يستوون على سواء السبيل، فـ من النادر هذه الأيام أن تجد طفلاً لا يدخل المسمار في فيشة الكهرباء، ولا يصرخ بدون سبب.!

(4)

سرحتُ مع الأطفال الذين كان التمثيل بالأغنام وتكسير الأواني من هواياتهم المُفضلة، وقد كنتُ أريد أن أتحدث عن تأثير الأطفال على التلفزيون والريموت كنترول، بالطبع هنالك من يقول لي: لماذا لا تكتب عن تأثير التلفزيون على الأطفال؟ ولكن يا عزيزي هذا الموضوع قتلوه بحثاً، وفي فترة الثمانينات والتسعينات وحتى الآن، أغلب الكُتّاب شغلهم الشاغل هو تأثير التلفزيون على الأطفال، فـ أنا لا أريد إعادة اكتشاف الحديد، دعونا مع تأثير الأطفال على التلفزيون.!

إذا لاحظت ستجد أن للأطفال تأثيراً كاسحاً وفتّاكاً وأحياناً مُدمّراً على التلفزيون وعلى الريموت كنترول بشكل خاص، أولاً تجد أن التلفزيون يعمل في اليوم عدد ساعات أكثر من التي وضعها صانعوه في الكتلوج، فـ من النادر أن تجد بيت به أطفال وفي نفس الوقت به تلفزيون لا يعمل أكثر من أربعة عشر ساعة في اليوم، إلاّ إذا كان في هذا البيت أم أو أب من النوع الذي يضرب أولاً ثم يسمع الأعذار لاحقاً.!

تجد أن الطفل يصحو من نومه أحياناً في السادسة صباحاً، بـ جفنين منتفخين، شعر منكوش، ونظرة معادية كارهة للنور، يمسك بـ الريموت وهو ما بين نائمٍ وصاح، وبين شفتيه يلوك ذلك الطعام الغامض الذي يلوكه النيام جميعاً، ولم يكتشف العلماء سرّه حتى الآن، ثم يفتح واحدة من قنوات الأطفال التي بها وحوش آلية تخرج أشعة الليزر القاتلة من عيونها، بعد قليل يصحو أخوه الأكبر، بجفنين منتفخين وشعر منكوش ونظرة معادية كارهة للنور، ولا تختلف كثيراً عن نظرة سالفه، ويقتلع الريموت من يده أخيه الأصغر ليشاهد حلقات توم وجيري، وبعد عراك عنيف، ينفتح الريموت وتظهر أحشائه ظاهرة للعيان، وتطير منه عدة أزرار في عدة اتجاهات، ومن هنا يأتي تأثير الأطفال على الريموت كنترول، حتى أنني أتمنى أن يخترع العلماء ذلك الريموت الذي لا ينكسر على يد أطفال صغار بعد أول معركة.!

(5)

بعد أن يصير الريموت سلاح غير ذي نفع وفائدة، يتجه الطفلان نحو استخدام السفنجات والشباشب، يقذف الطفل الصغير أخاه الأكبر بشبشب أبيه الأخضر الثقيل، فيخطئه الشبشب ويصدم التلفزيون صدمة تزلزل أسلاكه من الأعماق يا حبيبي يا غالي، وإذا لم يكن التلفزيون صناعة يابانية أصلية، فلن يعمل بعدها بتاتاً، وسـ تفكّر بعدها في جلب تلفزيون آخر جديد، حتى تتمنى أنت -عزيزي الأب- لو كان الشبشب قد صادف الصغير، فـ إنه لن يرديه على الأقل.!

ولكي أطمئنك أيها الأب الكريم، أنه من النادر هذه الأيام أن تجد طفلاً يقذف أخيه الأكبر بشبشب أبيه الأخضر ولا يخطئه فيصيب التلفزيون، وإذا كان لديك طفلاً من هذا النوع، فأنت بالتأكيد من سعيدي الحظ القلائل في هذا العالم.!

0 التعليقات:

إرسال تعليق