الخميس، 7 يناير 2010

لا تعط موبايلك .. لي كافة المخلوق .. لو يبقى سِرّك..!!

(1)

من المعروف أن الموبايل أصبح من الخصوصيات، ويحتوي على أدق أسرار حامله أو حاملته، فهو عبارة عن مملكة لوحده تتكون من تفاصيل حياة صاحبه، وبالذات الرسائل، ما صَدَرَ منها وما وَرَدْ، ويمكن استخدامه كأداة لتحليل شخصية الفرد ومعرفة ميوله وبعض اهتماماته، وهو فوق كل ذلك، يعتبر منطقة محرمة لا يصح أن يعبث فيها آخر، وإن كان من المقربين، وبالذات مع الأصدقاء والزملاء، وأصحاب الحالة الواحدة.!

(2)

مِن الناس مَن يمسك بـ موبايلك، فيبدأ بتقليب صندوق الرسائل، فـ لا يترك فيه رسالة شاردة ولا واردة إلاّ وقرأها، وقد تجده يضحك لوحده إذا مرّت عليه إحدى نكات المساطيل التي تذخر بها الموبايلات، وإذا أعجبته النكتة لن يتعب نفسه بنقلها، فيقوم بإرسالها إلى موبايله، وبعدها إذا كان ذو ذوق، يستأذن منك استئذاناً بأثر رجعي على طراز:

- عن إذنك رسلت منك رسالة.!

ثم يرجع مرة أخري إلى صندوق حفظ الرسائل، وقد يسألك وأنت وسط مجموعة من الناس سؤالاً من ماركة:

- إنتا سوسو دي منو؟

وقبل أن تجيبه يبادرك قائلاً:

- كمان جابت ليها شوشو برضو.. دي منو؟

ستضطر أن تقوله له أنها ابنة خالة بت عم حبوبة أولاد جيرانكم، أو أي سؤال يخرجك من الحرج، وصاحبنا بعد أن ينتهي من الرسائل، يتجه إلى النغمات والأغاني وبقية المقاطع الصوتية والمرئية، ويبدأ بتشغيلها واحدة تلو الأخرى، ويرفع الصوت، ويطلق لموبايلك العنان، وبعد أن يستحلب طاقة بطاريتك كلها، يسلمك إياه ببطارية فارغة، ويقول لك بـ كل بساطة:

- الموبايل طفا..!!

(3)

مثل هذه النماذج والمناظر توجد بكثرة وبالذات في الأوساط الجامعية وبين زملاء العمل، وهذا تصرف على حدّ رأيّ يخلو من الأتيكيت، فـ ليس من الذوق أن تعبث بـ موبايل زميل أو صديق، فـ هو بالتأكيد سيتضايق منك ولكن لا يريد أن يخسرك بسبب موبايل، وأذكر مرة أن واحداً من العبيطين إياهم أمسك بـ موبايل زميل لنا، وصار يقلب في محتوياته ويعيث فيها تفتيشاً وتنقيبا، لم يترك رسالة إلا وقرأها، حتى قائمة الأسماء لم تسلم منه، يطّلع على اسم ما ثم يسأل:

- عبد القيوم ده منو؟

خمس دقائق أخرى، بعدها يسأل ثانية:

- سلمى دي ما عرفتها..!!؟

وفي أثناء تفتيشه، وضغطه على الأزرار بغير هدى ولا كتاب مبين؛ ضغط زراً بالخطأ، أدي إلى نتائج وخيمة، وبعد أن أدرك خطأه الفادح، التفت إلى صاحب الموبايل وقال له بـ براءة الأطفال:

- إنتا يعني شنو تمّ مسح جميع الأسماء..!!؟

فـ كانت النتيجة أن مسح له أكثر من ثلاثمائة اسم، بل ومسح كل شيء، جعل له هاتفه صعيداً زلقاً، وأرجع له الموبايل جديداً كما أتى من مصنعه للتو، لم يضع صاحبه حساب أن يحتفظ بنسخة من الأسماء في مكان آخر..!!

(4)

إنسان يقوم بفعل أشياء كأعلاه يطلق عليه (طبّيز . . عديم الميز)، وتعريف (الطبْز) لغة واصطلاحاً:

- هو أن يتعمّد أحد الجاهلين بعواقب الأمور، ويقوم بـ (تطْبيز) موبايلك، فـ ينتج عن (طبزاته) تداعيات وخسائر فادحة، لا يتم علاجها في الأمد القريب، وتصريفه:

- طبز.. يطبز .. طبزاً .. فهو طابز.!

هذا هو التعريف والله أعلم، فهو غير مدرج في قاموس المحيط، ولم يعرّفه الثعالبي في (فقه اللغة).!!

مرة أمسك أحد (الطبيزين) موبايل صديقه، وبعد أن (طبّز)، وأفرغ فيه كل مهاراته في (التطبيز)، مدّ له الموبايل قائلاً بـ لامبالاة:

- موبايلك ده قال: تم رفض البطاقة.. كدي شوفو مالو..!!؟؟

رفض الموبايل البطاقة، أرأيت ما تنتهي عنده (الطبزات)، تخيّل أن هذا موبايلك، ماذا كنت ستفعل.!!؟ بالطبع قد تراودك أفكارك بخنق هذا الصديق، الذي خير منه عدوٌ عاقل، ولكن كان يمكنك أن تتفادى كل هذا بأن تعتذر له من البداية بأن الموبايل من الخصوصيات التي لا يجوز أن يطلع عليها قريب أو بعيد، قد يغضب لـ لحظات وسيدرك بعدها قصدك، لأن المجاملة في كثير من الأحيان ضررها كبير، وخسارتها مزدوجة، لأنك في ثورة غضب، قد تخسر صديقك وموبايلك في آن واحد.!

(5)

من الحلول الناجعة لعدم (التطبيز) في موبايلك؛ هي أن تقوم بقفله بشفرة سرية لا يعرفها سواك، ولكن مع هذا لا تستبعد أن يمسك أحدى الحمقى بـ موبايلك، وبعد أن يغلبه فتحه، يسألك بكل جديّة:

- الأرقام السرية بتاعتك كم..!!؟؟

يسألك بطريقة وكأن يدخل معك في موبايلك شريكاً بالنصف، مثل هذا إذا أردت أن تقنعه بعدم فتح موبايلك، ثم أن تتخلص من الموقف دون أن يزعل ، يحتاج هذا منك أن تكون دبلوماسياً من الطراز الأول.!!

(6)

سأحكي لك حادثة واقعية، أحد الذين يحبون (الهظار الثقيل)، تناول موبايل صاحبه، فـ عدّ الحالة واحدة، وفتح قائمة الأسماء، وصار يرسل في الرسائل لكل اسم وقع تحت يده، إذا وجد اسم رجل، يرسل له رسالة من طراز:

- يا وليد عامل راسك الكبير ده .. رسل لي رصيد اسحن ليك..!!

وقد يكون (وليد) هذا هو الدكتور أو الأستاذ الجامعي الذي يدرس صاحبه في الجامعة في آخر سيمستر. وصاحبنا واصل إرسال الرسائل، إذا وجد اسم فتاة تكون رسالته كـ الآتي:

- يا سارة .. اعتبري البينا انتها خلاص .. إنتي من سكة وأنا من سكة …!!

تخيل أن سارة هذه خطيبة الرجل أو حتى زوجته، أليس هذا خراب بيوت جاهز بسبب مجاملة كان من الممكن حسم أمرها من البداية.!؟

دعني أخبرك ماذا حدث لصاحب الموبايل بعد ذاك، عندما أشرقت شمس صباح اليوم التالي، أتاه بلاغاً من الشرطة قدمته إحدى زميلاته تتهمه فيها بإرسال رسالة سخيفة وغير لائقة، فتم استدعائه لقسم الشرطة للتحقيق معه في هذا الشأن.!

هذه هي عواقب المجاملة في مثل هذه الأشياء، فلولا تدخل الأجاويد واعتذاره بأن الموبايل لم يكن بيده حينذاك، لـ تمّ جلده أو تغريمه على اقل تقدير، إذن ينبغي ألا تجامل في إعطاء موبايلك، ولو لأقرب أصدقائك، لأنه قد يتعامل مع الأمر بحسن نية، فـ يدخلك في عدة مشاكل أنت في غنى عنها، وكان من الممكن تلافيها من البداية، ونصيحة أخوية أخيرة:

- (لا تعط موبايلك .. لي كافة المخلوق .. لو يبقى سِرّك)..!!

0 التعليقات:

إرسال تعليق