الأحد، 10 يناير 2010

يا حليل زمن الأصلي.!!

(1)

كلمة (أصلي) صارت من المُصطلحات النادرة هذه الأيام، وصار من الصعوبة بمكان أن تجد مُنتجاً أصلياً ما دام أن هنالك دولة اسمها (الصين)، وما دام أن هنالك دولة أخرى تُسمى (كوريا)، وثالثة اسمها (تايوان)، هذه الدول وغيرها كادت أن تمحو مصطلح كلمة (أصلي) من قانون البضائع، إذ تُمسك بقطعة أي شيء يقع أمامك، يغلظ لك البائع في القسم، ويحلفُ بربّ الدّاميات نُحورها، وما ضمّ أجماد اللبين وكبكبُ، بأنها أصلية، وهي ليست كذلك، وبالطبع صرتُ لا أصدّق أكذوبة أن المنتج الأصلي مُلصق عليه ورقة صغيرة مميزة لامعة تشبه الختم البارز، وبالمنطق إذا كان بمقدور مصنع ما أن يقلّد سلعة لدرجة التطابق، فلا يغلبه أن يقلّد هذا الملصّق، وبالتالي اختفت تلك الأشياء التي كانت تميّز المنتج الأصلي من التقليد.!

وأذكر قبل عدة شهور اشتريتُ أربعة أقفال (كوالين) لدولابي العزيز، فتفاجئتُ بأن الأقفال الأربعة من المُمكن فتحها بمفتاح واحد، بل واكتشفتُ أن هذه الأقفال يُمكن فتحها بأي شيء: بينسة، إبرة خياطة، مسمار صغير، عيدان أسنان، وبإمكانك أن تفتحها بذيل سحلية إذا كنت متحمساً بعض الشيء، لستُ أدري كيف يُسمح لبضاعة كهذه بالتسرب للأسواق، فـ إذا مرّت بحالتها هذه من تحت ذوي الشأن فهذه مُصيبة، وإذا لم تمرّ من تحتهم فهذه كارثة، وهذا نموذج فقط، وغيرها الكثير مما يصعب حصره.!

(2)

التقليد دخل كذلك في عالم العطور، وأنا أتعبُ كثيراً حتى أجد عطراً أصلياً، في الماضي كنتُ أثق في ذوق البائع، إذ أطلب منه أن يختار لي عطراً على ذوقه، ولما اكتشفتُ فساد أذواق معظم البائعين الذين أوقعني حظي التعيس في دربهم؛ استسلمتُ للأمر الواقع، إذ صرتُ أشتري حسب الحظ، فبما أنني ضجر ولا أواظب على نوع واحد من أي شيء، تجدني أتنقّل كل مرة من نوع لآخر، فـ أحياناً –بالصدفة- أقع في عطر جيّد يجعلني أحسّ أن الدنيا لا زالت بخير، وأحياناً أخرى أقع في ورطة عطر، عندما أبخّ به ملابسي وأخرج للشارع العام، أجد أن أثره قد اختفى وكأنني تعطّرتُ بالماء الصافي.!

والله زمان قالوا لو اتعطّرت بي عطر، تغسّل القميص وتكويه تسعة مرات، وتلقى باقيهو لسة قاعد، لكن الأيام دي تتعطر وتمرق الشارع، تاني كلب بوليسي ما يقدر يشُمّك.!

(3)

في عالم الصنايعية صار من النادر أن تجد صنايعي أصلي، وأقصد بالصنايعي هُنا: النجار، الحدّاد، الميكانيكي، الكهربجي، البنّاء، السبّاك، وكلّ من ينتمي لهذه القبيلة يمكنك إضافته لعالم الصنايعية، وذلك على مسئوليتي، فهذه الفئة المُهمّة جداً في المجتمع، صار يدخلها الكثيرون من معدومي الموهبة والخبرة، يقنعك أحدهم أنه أفضل صنايعي في الكون، وهو ليس كذلك، وكعادة الصنايعية في كل العصور، يبدأ في العمل وهو يشتم الكهربجي السابق الحمار، وكالعادة دائما أنت تقف أمام أبرع حرفي خلقه الله، وقد نجوت بمعجزة من الحُمقى الآخرين.!

(4)

اكسسوارات الموبايلات هي الأخرى صارت غير أصلية، أو معظمها كذلك، غطاء الموبايل الخارجي الذي يُسمى بـ (الكَفَر)، صار صانعوه لا يتقون الله فيه أبداً، تشتري (كفر) مخصص لموبايل معين، فتجده ليس في مقاسه، على الرغم أن (الكفر) صُنع خصيصاً لهذا الموبايل، ولكنك تجده إمّا أكبر منه أو أصغر، وإذا وجدته مطابقاً لمقاس موبايلك، فأنت بالتأكيد من الذين تدعوا لهم الوالدة بالتوفيق والسداد دبر كل صلاة، نعم.. أنّ هذا الأمر ليس أهم شيء يشغل بال المسلمين هذه الأيام، ولكنه مؤشر خطير لتمرير أي شيء إلينا ليس في مقاسه، وأحياناً تشتري بطارية موبايل لا تتسم بالصبر إطلاقاً، بعد أن تشحنها، ويعطيك الموبايل إشارة أنها شبعت من الطاقة، فإذا بها تنفد من مكالمة لا تتعدى الربع ساعة!.

يا حليل بطاريات زمان، إبان أول ظهور للموبايلات، كانت البطارية تنفد بعد أسبوع، أما هذه الأيام إذا أمطرت السماء بطاريات، ما أظن تلقى منهِن بطارية تتم ثلاثة أيام.!

(5)

الأيام دي الحب ذاتو بقى ما أصلي، يعني ما زي حب زمان، قال الشاعر (العباس بن الأحنف) وهو يصف أحد المُحبين:

وَإِذا نَظَرتَ إِلى المُحِبِّ عَرَفتَهُ * وَبَدَت عَلَيهِ مِنَ الهَوى آثارُ

حَمَلوهُ بَينَهُمُ نَحيلاً جِسمُهُ * عاري العِظامِ ثيابُهُ أَطمارُ

تعال إلى أي حديقة، مجانية (حبيبي مفلس)، أو غير مجانية (حبيبك ليس مفلس)، وأنظر إلى المُحبين، أتمنى أن تنظر من بعيد، من الأفضل أن تنظر من بعيد شديد، عشان بعدين يوم القيامة وكت يسألوك من غض البصر ما تقول (أسامة) قال لي عاين، يعني ما تبقّيني ليك سبب ساكت، إذا نظرتَ تجدهم وبحمد الله (سُمان وأُمان)، وهذه جمع (سمين وأمين)، فهذه الأيام من النادر أن تجد فتاة أو فتى أنحل الحب جسده، وصار عاري العظام وعليه من الهوى آثارُ، بل بالعكس تماماً، ستتوصل إلى نتيجة: أن الحب صار أحد أهمّ أسباب السمنة في البلاد، وحُب بِسمّن الزول ده حب لا أصلي ولا حاجة، والله الحب ده زمان قالوا كان بكتل عديل، قال (جميل بثينة):

ألا أيها النُّوّامُ، ويحكُمُ، هُبّوا!.. أُسائِلكُمْ: هل يقتلُ الرجلَ الحبّ؟

أي والله زمنكم كان بِكتل يا شيخ (جميل)، إلاّ هسي ما أظن.!


1 التعليقات:

sandy يقول...



شركة شحن عفش من الرياض لمصر شركة شحن عفش من الرياض الى مصر
شركة نقل عفش شرق الرياض شركة نقل اثاث شرق الرياض
افضل شركة نقل عفش بجدة افضل شركة نقل العفش بجدة
شركة نقل عفش بالرياض رخيصة
شحن عفش من الرياض الى دبي
ارخص شركة نقل اثاث بالدمام ارخص شركة نقل عفش بالدمام
افضل شركة نقل اثاث بالرياض افضل شركات نقل اثاث بالرياض
افضل شركة نقل عفش

_

إرسال تعليق