الأحد، 10 يناير 2010

حكاية بطيخة قرّبت تخرب ليها بيت!!


(1)

على الرغم من أن الحياة الزوجية عبارة عن رباط مقدّس ومتين، إلاّ أن تفاصيل صغيرة يمكن أن تزعزعه، وقد تفتك به في لحظة واحدة، كمثال لذلك: المزاح الثقيل من أصحاب الزوج مع زوجته، كأن يقول لها أحدهم:

- والله الراجل ده لقينا ليهو عروس جديدة.!

مثل هذه المزحة، على الرغم من عدم جدّيتها، إلّا أنها تترك رواسب سالبة في نفس الزوجة، لذا من الأفضل الابتعاد عن هكذا مزاح.

كذلك توجد تفاصيل أخرى تنتج من أحد أصحاب الزوج بحسن نية، ولكنها قد تكون سبباً كافياً لـ دخول الشك في العلاقة بينهما، وقد تنكّد عليهما العيشة فيما بعد، ومثال لذلك (البطيخ)، فهو أحياناً قد يكون سبباً قوياً في خراب البيوت، ولهذا قصة.!

(2)

ذات يوم، وفي صباح باكر، عرج عليّ أحد أصدقائي في مكان العمل ، كان قد تزوج حديثاً في تلك الأيام، ودخل السوق ليبدأ عمله الذي كان يزاوله قبل الزواج، بعد أن سلّمتُ عليه، لاحظتُ أنه يحمل في كتفه بطيخة كبيرة، وضعها في ركن من أركان المكتب وقال لي:

- عليك الله يا أسامة خلّي البطيخة دي عندك هنا وبجي بشيلها منك نهاية اليوم.

ترك بطيخته وذهب، وأنا من باب فعل الخير، وضعتُ له البطيخة في ثلاجة مُلحقة بالمكتب، وقلتُ في نفسي: من الأفضل عندما يأتي ليحملها، أن يجدها باردة، وما عليه سوى أن يقطعّها ويأكل هو والمدام.. وبالهنا والشفا.!

(3)

نهاية اليوم رجع صديقي ليحمل البطيخة، التي صارت باردة كالقطب الجنوبي، نفضّتُ ما علق بها من جليد، وأعطيتها له مبتسماً وقلت له:

- ختيتها ليك في التلاجة، بقت باردة تمشي تقطّع بس.

ولكنه فاجأني بردّ فعل غريب، حكّ رأسه بـ حيرة وقال لي:

- والله يا أسامة داير تجيب لي مُشكلة مع المَرَة، هسي بت الناس دي تعمل لي تحقيق وتقول البطيخة دي كانت وين وجات من وين باردة كدة.؟

ضحكتُ بتعجّب إذ أنني لم أنظر للموضوع من هذه الزاوية، وقلتُ له:

- ما عندك مُشكلة، لو حصلت حاجة أتصل عليّ وبوضّح ليها الحاصل.!

حمل بطيخته بتوجّس، ورجعتُ أنا أكمل بقية أعمالي.

(4)

بالفعل حدث ما كان مُتوقعاً، اتصلتَ بي زوجته في نفس اليوم، وصاحت بصراخ عالٍ يصل من دمشق إلى حلب:

- هووووي يا أسامة قول الحقيقة، الراجل ده برّد البطيخة عندك، وللا مُعرّس ليهو واحدة تانية بـ الدس وأنا ما جايبة خبر.؟!!

ضحكتُ كثيراً ولم أتوقع أن يصل تفكيرها لهذا الحد المُروع، وقلتُ لها:

- اطمئني تماماً ما في واحدة تانية ولا حاجة.. الزول ده فعلاً برّد البطيخة عندي.!

قالت الولية بعدم اقتناع:

- والله أنا الموضوع ده ما راكب لي في راسي كلّو ..كلّو.. وما بصدّق إلاّ أشوف التلاجة دي بي عيني دي.!

قلت لها بلهجة واثقة:

- مرحب بيك وأنا منتظركم لمن تصلو.!!

(5)

بنت الناس سالفة الذكر، وصلتَ هي وعريسها الجديد، وكانت تعلو وجهها الشراسة والشك وعدم اليقين، طنطن صديقي -الذي هو زوجها في نفس الوقت كما تعلمون- وقال لي بغيظ:

- هسّع عليك الله مُبرّد البطيخة دي مالك عليها.. في زول قال ليك برّدها؟

قلت له ببراءة:

- والله أنا قلت أعمل عمل خير.. يعني حـ تنتظرها لمتين لمن تبرد، أحسن تلقاها باردة جاهزة.!

طنطن بغيظ أكبر:

- هسّع ده عمل خير وللا عمل شر؟

التفتتَ نحوي زوجته وقالت لي والشرر يتقاذف من عينيها:

- وريني سريع التلاجة دي وينها .. الظاهر الشغلانة دي فيها إنّ.. والله الليلة ما ألقى تلاجة هنا إلاّ إنت وصاحبك ده تشوفوا ليكم بلد تطفشو عليها.!!

دخلنا المكتب وأريتها الثلاجة، ولم تصدّق حتى فتحتها لها ورأت أنه بـ الإمكان إدخال بطيخة كبيرة في الثلاجة، إلاّ أن وجهها لم يبدُ عليه الاقتناع، وقالت بلهجة غير المصدق:

- غايتو !!.. لكن لسة نفسي محسكنة .. وكلامكم ده ما واقع لي.!

صفق زوجها بيديه في حيرة، وقلتُ لها: أنه كان هنالك شاهد عيان رأي عملية إدخال البطيخة في الثلاجة لحظتها.!

قالت بلهفة:

- وينو الزول ده جيبوا لي سريع.

بالفعل ذهبتُ لأجلب الشاهد الذي شاف كلّ حاجة، وحكى لها الموضوع من بدايته، بعد كل هذا لم تقتنع إلاّ بعد أن أقسم لها بالله وبالكعبة المشرفة وبعيونه التي سيأكلها الدود.!

ذهبت الفتاة شبه مقتنعة بحمد الله، ونظر لي زوجها نظرة وداع شريرة، فسّرتُ معناها بـ:

- تاني أوعاك تخُت بطيخة زول متزوج في التلاجة يا جاهل.!

(6)

الحقيقة إذا كان هنالك درس ستخرج به من هذه القصة، هو:

- إذا كنت متزوجاً، وأتيت ببطيخة لصاحبك ليحفظها لك حتى تعود من العمل، ووجدتَ هذا الأحمق قد بردّها لك في الثلاجة.. أقو لك نصيحة أخوية في الله:

- خلّي ليهو البطيخة دي في محلّها .. وأمشي أشتري ليك بطيخة تانية.!



1 التعليقات:

غير معرف يقول...

Smm Panel
smm panel
iş ilanları
İNSTAGRAM TAKİPÇİ SATIN AL
hirdavatciburada.com
WWW.BEYAZESYATEKNİKSERVİSİ.COM.TR
servis
Jeton hilesi

إرسال تعليق