الخميس، 7 يناير 2010

يوم شكرك.. سيأتي وإن طال السفر..!!

(1)

البعض منا أحياناً يردد دعوات ويسأل الله أشياء يعرف تماماً أنها لا تحدث، ولن يستجاب لها بتاتاً، وذلك مثل الدعاء المشهور:

- (الله لا جاب يوم شكرك).!!

يوم الشكر هو يوم الموت كما هو معروف للجميع، وفيه يعددون مآثر وحسنات المرحوم مثل أنه كان (ضو القبيلة .. وأبو التقيلة .. والشجرة الظليلة)، وغيره مما تردده لاطمات الخدود، وترجمة هذه المقولة - بالدارجية الفصحي – تعني:

- (الله لا جاب يوم موتك)!!

وهذا دعاء من المستحيل أن يستجاب، فـ كل نفس ذائقة الموت، وكل امرئ وإن طالت سلامته؛ سيأتي يوم شكره لا محالة.!

والذي يغيظ حقاً أن يقول شخص ما لأحدهم:

- (الله لا جاب يوم شكرك)!

فـ يرد هذا (الـ أحدهم) بكل ثقة:

- (اللهم آمين يا رب)!!

ومعني كلامه هذا أنه يتمنى يعيش إلى الأبد.. وهذا مستحيل بكل المقاييس، لذا بدلاً عن إهدار الدعوات بغير طائل أتمنى أن يتم تعديل هذا الدعاء – الذي لا أدري من أخترعه – من:

- (الله لا جاب يوم شكرك)

إلى:

- (الله يؤخر يوم شكرك)!

وهذه العبارة توازي:

- (أطال الله عمرك).

وهكذا يمكن أن يكون الدعاء أكثر منطقية وقابلية للإجابة، وحتى إذا لم تتم الاستجابة سيدخر لك في شكل حسنات تنفعك يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون.!

(2)

لكن .. وبنظرة أكثر منطقية أن الدعاء المعدل: (الله يؤخر يوم شكرك) تنقصه بعض الإضافات المهمة التي من الممكن أن تزيد فاعليته، لأن طول العمر ليس محبذاً في كل الأحوال، قد يرزق الله عبد ما بـ طول عُمر ومعه عاهة مستديمة، أو مرض عضال يستعصى علاجه، أو غيره من الابتلاءات، فـ طول العمر هنا يعتبر ابتلاءاً إضافياً، لذا أرى من الأفضل لنا ولكم أن يضاف إلى الدعاء امتداد آخر فـ يكون:

- (الله يؤخر يوم شكرك .. ويديك العافية).

عندما تدعو بهذا الدعاء لـ شخص ما تكون قد أوفيته حقه ومستحقه، ولم تقصّر معه بتاتاً، فـ أنت دعوت له بـ طول العمر، ودوام الصحة والعافية، التي هي أهم من العمر الطويل ذاته، وإن حدث واستجاب المولى عز وجل هذا الدعاء؛ سيعيش من دعوت له في نعمة كبيرة، نعمة الصحة، التي لا يقدرها إلا من فقدها.!

(3)

العافية في بعض الأحيان تحتاج إلى بعض الدعم حتى تأخذ الشكل المتكامل للرفاهية، فإذا كان شخص ما رزقه الله بـ العمر الطويل، وأمدّه الله بـ بدوام العافية، وكان مع ذلك فقيراً بائساً يعيش على حافة الكفاف، فـ مثل هذا –إذا لم يكن قنوعاً- قد لا يحس بـ طعم هذه النعم، وقد يرى من منظوره أن حياة قصيرة يعيشها العبد مع الغني، خير من حياة طويلة مع فقر مدقع، لأن ابن آدم في طبعه لا يقدر نعم الله عليه - إلاّ من رحم ربي- وينظر للمصيبة التي حلت به على طريقة الكوب الفارغ ويتقاضي عن بقية النعم، فمن باب الإتقان من المحبب أن تضيف للدعاء مقطعاً آخرا لـ يصبح في ثوبه الجديد كـ الآتي:

- (الله يؤخر يوم شكرك .. ويديك العافية .. والرزق الوفير).

هنا أنت تعتبر نسبياً قد خرجت من اللوم والتقصير، فـ ما أحلى أن يرزق الله عبداً من عباده طول عُمر، وعافية لا تعرف المرض، ومع ذلك رزق وفير يكفيه عنت الفاقة والفقر، تخيل أن يدعو لك صديق أو قريب بهذا الدعاء، ويستجيب المولى، فـ هذه نعمة كبيرة بلا شك.

(4)

بما أنه لكل شيء إذا ما تمّ نقصان، فـ الدعاء بصيغته الأخيرة هذه يحتاج لـ بعض التعديل الطفيف، فـ أنت هنا سألت الله لـ عزيز عليك بـ أن يرزقه بـ العمر الطويل، والعافية من المرض، والرزق الوفير، ولكن نسيت أهم الأركان، إذا رزق الله عبداً من عباده بكل هذه النعم، ولم يحمد الله عليها، بذلك الجحود المشهور به بني البشر، ولم يقابل هذه النعم بـ صالح الأعمال، ماذا سيكون مصيره؟ وأين سيداري وجهه إذا سأله المولى عن عمره الطويل فيما أفناه؟ وعن الرزق الوفير والمال أين أنفقه؟ وعن صحته فيم صرفها؟ فـ هناك من تعجبه صحته وقوته فيستعملها في غير محلها فيصبح فتوّة يبطش بهذا ويستفز ذاك، لذا وحتى تتفادى كل ما سبق دع الدعاء يكون بهذا الشكل:

- (الله يؤخر يوم شكرك .. ويديك العافية .. والرزق الوفير .. والعمل الصالح).

هنا نسبياً يكون الدعاء متكاملاً، إنه قصير ويختصر الكثير من مطالب البشر، وحلّونا من حكاية (الله لا جاب يوم شكرك) دي، وأسأل الله لي ولكم طول العمر، وأن يرزقنا العافية، وينعم علينا برزق حلال، وأن يجعلنا أهلاً لنعمته، فإنه نعم المولى ونعم النصير.. آآآمين.

0 التعليقات:

إرسال تعليق