الخميس، 7 يناير 2010

الحنكشة: الأعراض .. الأسباب .. والمضاعفات..!!

(1)

أعتقد أنني توصلتُ للأسباب الحقيقية والمباشرة لـ (الحنكشة)، وعرفتُ كيف ينشأ المرءُ (حنكوشاً)، وقبل أن أخبركم بالأسباب، دعني أنقل لك مظاهر (الحنكشة) في الأولاد، حيث تجد أن (الحنكوش) أو (المُتحنكش) -الأول بالميلاد والثاني بالتجنّس- تجده يستخدم عبارات يعتبرها الكثيرين غريبة على المجتمع، مثلاً تجد الناس العاديين الذين لم يرزقهم الله بنعمة (الحنكشة)، عندما يتفارقون يودعون بعضهم بعبارات مثل:

- أها آ ناس هووي نحنا ماشيين ودعناكم الله.

- يا جماعة فُتناكم بي عافية.

- نتلاقى في ساعة خير.

أما (الحناكيش) فيتوادعون بعبارات مثل:

- چاااااااااااااو.!!!

ينبغي عليك تعطيش الجيم جيداً.!

وأحياناً يقولون:

- هااااي.!!

في الجامعة كنا كل من يودعنا بـ (چااااو) نودعه بـ (چاو الله والرسول).!

أيضاً تجد أن (الحناكيش) – مع العلم أنني لا انتقدهم هنا، لأنهم لا ذنب لهم في (حنكشتهم)، وهذا ما سنعرفه بعد قليل - تجدهم يدخلون حرف الحاء أمام كل فعل مضارع بسبب وبلا سبب، وأحياناً في جمل تكون غير مفيدة بالمرة مثل:

- أنا حـ أمشي.!

- أنا حـ أقعد!

- أنا حـ أسوي شنو كده ما عارف.!

وأذكر أنه في القرية عندما حضر أبناء مغتربين جميع أولادهم مولودون في الغربة، ذهبوا مع جدهم لـ(الحواشات) عندما طلبوا منه الذهاب بهذه الصيغة:

- يا چدو متين حـ نمشي (نُزهة) لـ (المزرعة) عشان نشاهد (شجر الذرة).؟!

طبعاً جدو هذا لم يسمع طوال عمره بعبارة (نُزهة)، وفي حياته لم يُدخل له أحد حرف الحاء أمام أي كلمة، و(نشاهد) دي ذاتا ما حصل سمع بيها، أما مقطع (شجر الذرة) .. فـ تركيبة هذه العبارة ما وقعت ليهو بتاتاً!! وقال لهم بلهجة القانع من خيراً فيهم:

- يا أولادي ما اسمو (شجر الذرة)!

- أها اسمو شنو؟!

جدو هنا فتش لي كلمة (نبات) دي ما لمّ فيها نهائي .. واضطر أن يقول لهم:

- اسمو عيش ساي.!

كذلك من مظاهر (الحنكشة) تجد أن (الحنكوش) – حفظه الله – لا يتحمّل الحرّ والمشاق والمشاوير الطويلة، ويمتاز بـ سرعة إصابته بالأمراض، ولديه حساسية تجاه الغبار وبعض الأطعمة، ولا يأكل إلاّ أكلات معينة، في حين أن غير (الحناكيش) منهم من يأكل أي شيء إلاّ (الجمكسين).!

أعتقد أن هذه هي الخطوط العريضة لخارطة (الحناكيش)، مع العلم أن (الحنكوش) لا ذنب له في (حنكشته) فـ أبواه هما من (يُحنكشانه) أو (يُخشّنانه)!!

(2)

بعد أن عرفنا أعراض ومضاعفات (الحنكشة) ننتقل إلى أسبابها.

إذا دققت النظر في تفاصيل مجتمعنا تجد الأطفال الذين وُلدوا ونشأوا وعاشوا طفولتهم في بيئات ريفية لا يتم فيها إتباع العادات الصحية المثالية؛ تجدهم يُظهرون قُدرة أعلى على مقاومة الأمراض، مقارنة بمن وُلدوا في بيئات متمدنة، الكلام ده يا جماعة كلام دكاترة ما كلامي أنا، وهذا يؤكد نظرية أن (الحنكوش) لديه قابلية الإصابة بـ الأمراض أكثر من غيره، وقد ورد في دراسة علمية تقول أنه ظهر في الغرب عبارة (a little bit of dirt dose you good) أي أن (قليلاً من القذارة يفيد)، فـ الطفل في المدينة لا يتركون له فرصة أن يكون مُتسخاً بعض الشيء حتى يعتاد جهازه المناعي على بعض الميكروبات، مما يسبب له كسلاً في جهازه المناعي ويجعله أقلّ كفاءة في التعامل مع الجراثيم مستقبلاً، لأن التكوين الأساسي للجهاز المناعي لـ الإنسان يبدأ عمله خلال الطفولة، وأن هذا الجهاز لديه ذاكرة، فـ عندما يتعرض الإنسان لأحد الميكروبات المُسببة للأمراض خلال الطفولة؛ فذلك يتيح للجهاز المناعي أن يتعرف على هذا الميكروب في المستقبل، ويعدّ له طرقاً مناسبة للتعامل معه والقضاء عليه بسهولة.! انتهى كلام الدكاترة.!

(3)

ما سبق من قول أعلاه يمكن إثباته بسهولة من خلال الملاحظة فقط، حيث تجد في المدينة أن الأم هوايتها المُفضلة أن تُحمم وتُنظّف ابنها في اليوم سبعطاشر مرة، وتدهنه بتسعة أنواع من المُرطِبات، وكذا نوع من البودرة، وعدداً لا حصر له من المساحيق، وإذا أمسك الطفل بيديه شيئاً ما تُسرع أمه وترميه منه بعيداً وتغسله بـ الديتول على الأقل، وذلك على عكس الطفل في القُرى، هنالك يتركونه منذ صغره يخالط الأغنام والخراف والحمير، يأكل الطين، ويمضغ أشياءً غريبة، ولا يُصاب بعدها بـ أي مرض، وإمعاناً في الإثبات، أنظر إلى الشماسة وهم يأكلون من القمامة، هل رأيت أحداً منهم مريضاً؟ هل سمعت بـ شماسي دخل المستشفى؟ نحن لا ندعو لترك الطفل مُطلقاً لأن يكون عُرضةً لـ الأوساخ والجراثيم، فهذا يُعرّضه لأمراض مُعدية ولا فائدة من الإصابة بها مُستقبلاً، ولكن لا داعي للمبالغة في تنظيفه، وتمسيحه على الدوام، وأن تصبين -أيتها الأم- كافة مواهبك في جعله نظيفاً طوال اليوم، دعي جهازه المناعي يعتاد على الوسط المحيط به حتى لا ينشأ (حنكوشاً) على الأقل.!

(4)

خلُصنا من (حنكشة) الأمراض، أما بـ النسبة لعدم تحمل (الحنكوش) لـ الشمس والمشاوير والغبار، هذا يعود إلى أنه في صغره لم يكن يلعب خارج البيت، وأذكر أننا في صغرنا كنّا نلعب (البِلّي) و(الكمبلت) في شمس حرّها كـ الجحيم، وكانت الشمس تتعامد على رؤوسنا أكثر من تعامدها على خط الاستواء، وكُنّا نأكل (ثمار المسكيت) و(البالوظة) بـ الشطة، ونساكك أغنام الحلة، أصابتنا معظم الأمراض الستة، وإذا مرض الواحد منا بـ الحمى يُمسّحونه بـ(الشاي الأسود بالزيت)، ويشرب منقوع (صفق النيم) المغلي، وبعدها يقوم كـ الحصان.!

أما عن الحناكيش الذين يستخدمون عبارات ناعمة مثل (هاي) و(چااو)، فهذه أسبابها مجهولة بـ النسبة لي، واعتقد إنو دي حنكشة منهم ساي.!


0 التعليقات:

إرسال تعليق