الخميس، 7 يناير 2010

حكايتي مع البعوضة..!! (1 - 3)

الجزء الأول
(1)

دعوني أعرفكم بنفسي أولاً، اسمي (صديق)، وأنا مواطن لا يتميز بأي شيء غير عادي، وأندرج تحت تصنيف (زول ساي)، أكره في هذه الدنيا تسعة أشياء، أربعة منها هذا ليس وقتها، وثلاثة سأخبرك بها يوم آخر، تبقت اثنتان (البعوض والضفادع)، فـ أنثى الأنوفلس حشرة قضى الله أمراً أن يكون غذائها دمائنا النبيلة، على عكس الذكر الذي يتغذى على رحيق الأزهار، ولست أدري لماذا لا يتفق ذكر البعوض وأنثاه في موضوع الوجبات هذا، أتمنى أن يجلس ذكور الأنوفلس في (بِركة حوار)، ويجعلوا أمرهم شورى بينهم، ليقنعوا (نسوانهم) برشف رحيق الأزهار بدلاً عن دمائنا، فما ذنبنا نحن حتى نصاب بـ الملاريا لمجرد أن رجال الأنوفلس الخائبين فشلوا في إقناع نسائهم بأن يأكلوا معهم في صينية واحدة؟!.

(2)

سأحدثكم عن البعوض، هل تصدقون أن البعوض صار يزورني في الأحلام، نعم.. صرت أرى البعوض في المنام يقوم بأشياء عجيبة، ولهذا قصة أخرى سأخبركم بها في الحلقة القادمة، أما الآن سأحكي لكم عن البعوض الذي يشاطرنا السكن في الحي، فـ بعوضنا يختلف تماماً عن بعوض الغير، ولا ينفع معه أي مبيد، أذكر عندما أتت تلك الطائرة لترش عليه المبيد، كان البعوض يسرح ويمرح، والطائرة تهدر من فوقه جيئة وذهاباً، وكأنها ترشه بأحد معطرات الجو، حتى فكرت أن أخطر قائد الطائرة هذا بأن بعوضنا يختلف، فـ أنا من أهل هذا الحي، وأهل الحي أدرى بـ بعوضهم، فـ بعوضنا لـ قتله يتطلب الأمر سرب من طائرات الـ (إف – 16) - بلا طيار- لـ ترشّه بالغبار الذري، عندئذ يمكن القول بأنه قد ينقرض، أما ما يرشه هذا الرجل، يؤدي إلى تقوية مناعة البعوض ليس إلاّ، لذا ومن هذا المنطلق وصلت لقناعة أن بعوضنا لا تنفع معه سوى (الناموسية)، فهي الأمان التام لمن أراد حمايةً من لسعات البعوض، فـ بعد أول مطرة يستهلها الخريف، أبدأ في رحلة البحث عن الناموسية، التي كنت قد ركنتها في (جُغبٍ) من (جِغابِ) المنزل منذ الخريف السابق، أخرجها وأنفض عنها بعض الغبار، ثم يصبح لدي برنامج ثابت كل ليلة هو تركيب الناموسية، والتأكد من عدم وجود أي بعوضة تسللت عبر الحدود للداخل، أمرٌ فظيع أن تنام حتى الصباح داخل ناموسية ومعك بعوضة بالداخل، فهذا الخاطر يجعلني أقوم بتفتيش ناموسيتي بمصباح صغير، اشتريته خصيصاً لهذا الغرض، والبحث دوماً يتم بعد إطفاء جميع اللمبات في البيت، لأن الإضاءة الخارجية تجعل رؤية البعوض داخل الناموسية صعبة بعض الشيء، وذلك عن تجربة، ثم أتفقد ثنايا وأركان الناموسية شبراً شبراً لعل أحدى البعوضات هنا أو هناك، وفي الغالب الأعم أجد ثلاث أو أربع بعوضات يحلقن بالداخل، وتبدأ هنا مرحلة إلقاء القبض عليهن أحياء أو أموات، وهذا الإجراء يتم بالتصفيق المستميت حتى أوفق في قتل واحدة بين يدي، وكلما أقضي على بعوضة أضعها على جنب، ثم أتبعها باقي أخواتها، حتى أجمعهن في كوم واحد، وبعد الانتهاء من رحلة الصيد هذه؛ أجلس وأتأمل في ذلك الكوم، وأحس عندها بسعادة غامرة وكأنني اصطدت أسداً في الغابة.!

(3)

ذات ليلة قضيت على بعوضة داخل ناموسيتي، ولكنني أحسست أنها أكبر حجماً من البعوض العادي، حتى أنها تكاد تصل الي حجم الذبابة!! أمسكتها من أجنحتها وأنا أنظر إليها بـ تشفّي، ونسبة لعدم الموضوع، رحت أتسلى بـ جذب وتقطيع أرجلها الطويلة واحدة تلو الأخرى، وكومت هذه الكوارع كلها في كوم، وشدّ انتباهي إبرتها الطويلة التي تتسلى بغرزها في جلودنا، فمددت يدي بهدوء وأمسكت خرطومها، ثم اقتلعته من جذوره، ووضعته في كوم لوحده لأنه سبب البلاوي كلها، تبقّت لي الأجنحة و(الشاسيه)، فقمت بتفكيكها جناحاً جناحاً، ووضعتها في كوم آخر، ونمت في تلك الليلة وأنا هانئ البال، مرتاح الضمير، وأحسست بلذة الانتصار لقيامي بهذا العمل الرائع!!.. أرجو ألا يتهمني أحدكم بالسادية ضد الحشرات .. ولكني أردت أن أشفي غليلي، فما يفعله بنا البعوض ليس بالهين.!

(4)

ذلك اليوم كان من الأيام المفصلية في حياتي، ولا أنساه أبداً، يوم استيقظت من نومي ووجدت بقعة دم علي رجلي اليسرى، فأدركت حينها أن ثمة بعوضة تعشت على حسابي تلك الليلة، فـ تقافزت شياطين الغضب أمام عيني، ولمت نفسي كثيراً لعدم اتخاذي الإجراءات الأمنية اللازمة التي من المفترض أن تحول دون دخول هذه البعوضة اللعينة في المياه الإقليمية لناموسيتي، وقبل أن أخرج من الناموسية، تلفتُّ في أنحائها، وأنا متيقن من وجود هذه البعوضة داخل الحدود، وبالفعل وجدتها في أقصى الركن الجنوبي الغربي للناموسية!! كانت قابعة هناك وكأنها مروحية تستعد للإقلاع، بطنها متخمة بالدماء الي حد الاكتظاظ ، لا أستطيع أن أصف لكم شعوري وأنا أرى دمي العربي الممزوج بـ دم الزنوج الحار ظاهراً للعيان في بطن هذه الملعونة!! مددت يدي نحوها، ولدهشتي لم تحرك ساكناً، ولم تستطع الطيران جراء هذه الحمولة الثقيلة التي بجوفها، وأظنها كانت مشغولة بعملية هضم هذه الوجبة الدسمة، واحترت ماذا أنا فاعل بها يا ترى؟! فمع البعوض بالذات لا استخدم عبارة (اذهبوا فـ أنتم الطلقاء)!!.. ورحت أسترجع أفكاري وخبراتي حول الطرق الأمثل لقتل بعوضة إرتوت من دمك وأنت تراها أمامك، ووصلت لأقصر الحلول، سأقوم بتصفيتها فوراً، ومسح اسمها من سجل الأحياء، مددت سبابتي وعصرتها بـ غبينة على جدار الناموسية حتى (طرشقت) وسال دمى منها ثخيناً حاراً .. وأنا أتأملها تارة .. و أتأمل بقعة الدماء في رجلي تارة أخري.. وتذكرت هنا بيتاً من الشعر - بعد التعديل والاعتذار- يقول:

وللبعوضة في دم كل حر يد سلفت ودين مستحق.



الجزء الثاني

البعوض يتسبب في الهجرة إلى كوكب بلوتو …!!

(1)

أنتم تعرفوني بالتأكيد، معكم مرة أخرى (صديق) الذي يكره البعوض، رويت لكم قبل ذلك (حكايتي مع البعوضة)، أما اليوم سـ أحكي لكم أحد الأشياء الغريبة التي أصبحت تحدث لي هذه الأيام، تصوروا أنني أصبحت (أحلم بـ البعوض)!!.. نعم .. صار البعوض يزورني في المنام، سأسرد لك أحد هذه الأحلام العجيبة.!

(2)

أذكر في تلك الليلة آويت إلى سريري - المحاط بـ الناموسية - مبكراً علي غير العادة، وقمت بالإجراءات المعتادة من بحث وتصفية البعوض الذي تسلل داخل الناموسية علي حين غرة مني، وبعدها رحت في نوم عميق، ورأيت فيما يرى النائم ذلك الخبر المذاع علي التلفزيون، الذي كان ملخصه أن البعوض تكالب علي المواطنين، وصار يهاجم الناس في الشوارع، وبدلاً من أن يثقب الجلد بإبرته كـ المعتاد، صار يطلق إبره من بعيد، وتغرز الإبرة في الجلد كـ رصاصة أطلقت من مسدس كاتم صوت، ونتج عن ذلك الكثير من الضحايا، مما جعل أهل البلاد يتفقون على أمر لم يحدث على مرّ التاريخ.!

(3)

اتفق جميع أهل البلاد من على الرحيل من المليون ميل مربع كله، أصيب السكان بـ (حرد جماعي)، وقرروا أن يتركوا السودان بأكمله ويتجهوا إلى (كوكب بلوتو)، وكل هذا بسبب البعوض الذي اتجه بقذائفه من الشارع إلى داخل المنازل، وصار بمعدل (ألف بعوضة في الغرفة)!.. الكل قرر أن يرحل، وزادوا على البعوض أن كوكب الأرض صار ضيقاً، وكادت أن تنضب مياهه، وأصبحت حرارته لا تطاق، وهوائه ملوث، وأوزونه مثقوب، لذا لابد من الرحيل إلى (كوكب بلوتو)، الذي اكتشف العلماء أن به مياه تكفي لجميع أهل البلاد، وبه أوكسجين، وموقعه البعيد في آخر المجموعة الشمسية يمنع المتطفلين من الدول الأخرى من الوصول إليه، وبالتالي يمنع البعوض.!

(4)

تذكروا أنني لا زلت أحلم، إنه حلمٌ بـ الصوت والصورة والألوان وأشتم، فيه الروائح، وأحس بطعم الأشياء وكأنها حقيقية، وفي منامي قرأت في الصحف بعض التحذيرات من الدول المعادية أن كوكب بلوتو تم حذفه من زمرة الكواكب، بحجة أن مداره يتقاطع مع مدار كوكب نبتون، وذلك لا يؤهله لأن يكون كوكباً حسب زعمهم، وأن به ثلاثة أقمار تدور حوله، وقالوا أن شهر رمضان يأتي هناك ثلاث مرات في السنة، علاوة علي ذلك أن السنة في بلوتو تعادل مائتين ثمانية وأربعين سنة عندنا في الأرض، وعمر أحدنا هناك يساوي دقائق معدودة، وأن برودته عجيبة، تعادل 220 درجة مئوية تحت الصفر، وهذه لا تنفع معها أي بطانية، وإن كان سمكها كيلومتر.!

ولكن على الرغم من ذلك، أصر السكان علي الرحيل، ولم يبالوا بهذه التحذيرات، فهم يحتاجون كوكباً خالياً من البعوض، وكل ما سوى ذلك يمكن تلافيه.!

(5)

الرحلة إلى كوكب بلوتو ليست بالصعبة، والحمد لله قد تم تسجيل هذا الكوكب باسمنا، وصار حكراً علي السودانيين فقط، ولن يسكنه غيرهم، وفي الحلم رأيت أننا صنعنا مركبات فضائية كثيرة كلها جاهزة للسفر، بل وأنشئوا لها شيئاً يشبه (الميناء البري) سُمي بـ (موقف بلوتو)، وصار المواطنون يتوافدون علي الموقف لقطع تذاكرهم تأهباً للرحيل، ولكن جدودنا الكبار رفضوا السفر بتاتاً، وحاولنا أن نقنعهم بأن الأرض أصبحت خطيرة عليهم، وأن ثقب الأوزون اتسعت مساحته، وأن البعوض سيقضي عليهم، ولكنهم ردوا علينا برأس ناشفة بأن الأرض واسعة، وأما الأوزون إذا ذهبنا هناك سنثقبه -علماً بأنه ليس هناك أوزون- وأن أوزون الأرض هذا سيرقعونه لوحدهم بعد ذهابنا، وقالوا كذلك أنهم اعتادوا على الأرض، وربوا فيها الأغنام والدجاج والحمير، ولا يستطيعون فراقها، أما بـ النسبة للبعوض؛ سيتصرفون معه، وقالوا أنهم استطاعوا طرد الإنجليز المستعمرين من البلاد، ولن تغلبهم حفنة من البعوض.!

(6)

الرحلة إلى كوكب بلوتو ليست صعبة، خاصة بعد زيادة عدد (الحافلات الفضائية) في موقف بلوتو، وانأ لم أستعجل السفر، وانتظرت حتى تحركت أمامي حوالي عشرين حافلة، ولقد تأكدت من سهولة السفر عندما رجع أحد المسافرين بعد أن وصل إلى كوكب بلوتو، عاد إلى الأرض لأنه نسى (سفنجته)، وبحسابات منطقية تأكدت من أن سعر التذكرة ذهاباً وإياباً أقل من تكلفة (السفنجة)، وعرفت أن زمن الرحلة في الذهاب يعادل ربع الساعة ليس إلا.!

وبعد أن جمعت بعض المعلومات عن السفر إلى هناك، حزمت حقيبتي الوحيدة، وتوكلت على الحي القيوم، وذهب إلى (موقف بلوتو)، وعرفت الحافلة التي عليها الدور من خلال (الكمساري الفضائي)، الذي كان ينادي (بلوتو نفر .. بلوتو نفر)، حتى كدت أن أساله أين حافلات بلوتو بـ (الشنقيطي)؟ ولكن عدلت عن رأيّ وقطعت تذكرتي، وانتظرت حتى تحركت الحافلة، قرأت دعاء السفر وأنا أحسب الدقائق لوصولنا إلى كوكب بلوتو.!

(7)

وصلت الحافلة إلى كوكب بلوتو، فهو لا يختلف عن كوكب الأرض كثيراً، وفوجئت بأن المحلية هناك قد قامت بتغطية الكوكب كله بـ بطانية كبيرة، نسبة للبرودة الشديدة هناك، ووجدت الكثير من الذين أعرفهم وصلوا قبلي، سألتهم عن كيفية السكن في هذا الكوكب، ردوا علي: إما أن أشتري قطعة أرض، أو أن أؤجر منزلاً، وجدت أن قطعة الأرض أغلى من مثيلاتها في الأرض، وأن السماسرة استولوا على جميع قطع الأراضي التي تقع ناصية، وأن الإيجارات مرتفعة، لذا قررت أن أسكن مع أصدقائي العزابة حتى أتدبر لي سكناً في هذا الكوكب.!

(8)

رائعٌ هو هذا الكوكب، كل شيء فيه يتم بسهولة ويسر، وأفيدكم بأنني تعينت هنا أستاذاً في (جامعة بلوتو للعلوم والتكنولوجيا)، ومدرساً متعاوناً في (مدرسة أبو البلاليت الأساسية بنين)، وقد تأقلم جميع المواطنين على العيش هنا، ولكن الغريب في الأمر أن الحيوانات التي جلبها السكان معهم إلى كوكب بلوتو صارت أحجامها كبيرة إلى حد مدهش، الدجاجة أصبح حجمها كـ الركشة، والذبابة أكبر من الحمامة، وقد صادفني ذات مرة تمساح صغير، اكتشفت لاحقاً أنه (ضب)، عموماً تأقلمنا على هذا الوضع، وأكثر ما يطمئننا أننا بعيدون عن البعوض، فـ المسافة بين الأرض وبلوتو تعادل تسعة وثلاثون ضعف المسافة بين الأرض والشمس، والأرض من الشمس تبعد 150 مليون كلم، أي نحن في أمان.!

(9)

في يوم (السَدِيس)، وهو يوم يقع بين الجمعة والخميس عندنا هنا، وفي تمام الساعة أربعة ألف وخمسمائة وتسعين، بتوقيت كوكب بلوتو، سمعت في التلفزيون ذلك الخبر العجيب، الذي مفاده أن البعوض أتى من كوكب الأرض طيراً على الأجنحة ووصل إلى كوكب بلوتو، واخترق (الناموسية الكوكبية)، تلك الناموسية التي تغطي جميع الكوكب والتي ركبتها (محلية بلوتو)، واخترق البعوض جميع الدفاعات وأجهزة المراقبة في الأقمار الصناعية، وضلل الرادار، وصار يحوم في أجواء الكوكب الصغير، والأغرب من ذلك أن حجم البعوضة تضاعف مئات المرات، وصارت البعوضة أكبر من الحصان، وهناك أنواع أكبر من (الدفار)!

(10)

ماذا فعل البعوض بسكان كوكب بلوتو؟ وكيف تم التعامل مع البعوض الشرس بحجمه الجديد؟ كل هذا سنعرفه في الحلقة القادمة من (بعوضيات).!


الجزء الثالث

حكاية البعوض الهجين..!!

(1)

أحييكم من كوكب بلوتو، معكم (صِدّيق) الذي يكره البعوض، سأواصل لكم حكايتي مع هذا البعوض، وذلك الحلم الذي رأيته في منامي أن البعوض تسبب في رحيلنا إلى كوكب بلوتو، ولم يكتف بهذا بل وطار قاطعاً مسافة طويلة متجاوزاً كل كواكب المجموعة الشمسية، واخترق الدفاعات والأقمار الصناعية، وضلل الرادارات ولحقنا في بلوتو، وأذكركم أن البعوض الذي أتى من الأرض بعد أن وصل كوكب إلى بلوتو تضاعف حجمه ملايين المرات، وصارت أصغر بعوضة كـ الحصان، سنرى الآن كيف تصرف سكان بلوتو مع البعوض في حجمه الجديد؟!.

(2)

الغريب في الأمر أن البعوض بعد أن حطّ على كوكب بلوتو وصار بحجمه العجيب، تخلى عن شراسته ولم يهاجم السكان، بل وغيّر من نمطه الغذائي، وصار يتغذى على الحشائش والأعشاب، ولقد رأيت بـ أُم عيني – في المنام طبعاً- بعض البعوضات التي كانت تسرح مع الأبقار والأغنام سوية في أحد السهول، وبعد أن اكتشف العلماء هذا الأمر قرروا الاستفادة من البعوضة في حجمها الحالي، ووضعوا خطة لاستئناسها وتهجينها وترويضها حتى يمكننا الاستفادة منها في حياتنا، ولقد اخترع العلماء أشعة تستخدم في تهجين البعوض والتحكم في حجمه، وأطلقوا عليها اسم (الأشعة الألكتروجيوفيوبيوبعوضيوكازلوجيكية)!!.. صحيح أن اسمها طويلاً بعض الشيء، ولكنني حلمتُ بها هكذا، وسأختصرها إلى (أشعة ك)، وهذه الأشعة - مع غير البعوض- تقوم بالكثير من المهام، يمكنها تهجين (ضب) مع (جندب)، وينتج عن ذلك مخلوق كـ (الضب) وينطط كـ (الجندب)، وبما أنه لا فائدة تجنى من وراء مخلوق كهذا، لذا اقتصر عملها على البعوض.!

(3)

أثبتت (أشعة ك) نجاحها تماماً، غيرت من خصائص البعوض، وصارت البعوضة كـ القطة الأليفة، وأمكن تربية البعوض في المنازل، واستخدامه في كافة المجالات، وبواسطة هذه الأشعة تم تهجين بعض البعوض وصار حجمه مثل شاحنات الوقود، واستخدم في شفط مياه الفيضانات والسيول، وتم الاستفادة من هذه المياه في ري محاصيل القمح والذرة في المشاريع غير المروية في (صحراء بلوتو الكبرى)، وأمكن كذلك استخدام البعوض الهجين في الجانب العسكري، وحماية الكوكب من الأعداء المتربصين، تم تكبير البعوضة حتى صارت في حجم الطائرة الحربية المقاتلة، وأمكن تحويرها لتصبح أسرع من الصوت، وتذويدها بصواريخ (جو – جو)، وهكذا امتلكنا أحدث طائرة حربية مقاتلة ، أسرع من الصوت، بلا طيار، من طراز (باعوضة. 234.ج ).!

(4)

أما داخل المدينة أمكن الاستفادة من خدمات (البعوض الهجين)، في الحفر لأعمدة الكهرباء، بواسطة إبرتها التي أصبحت بها بريمة تم تعديلها لحفر آبار البترول، وهذه البعوضة تشفط البترول وتطير به مباشرة نحو (كوكب الأرض) لتبيعه هناك.!

في الأرياف توصل الأهالي لطريقة جعلت البعوضة تستخدم بدلاً عن الحمار في جرّ عربات الكارو وحمل الأثقال، وتأقلمت البعوضة مع جو الريف، فصارت تشرب من مياه الترعة والحفير، والمزارع هناك أمكنه الاستفادة منها في الزراعة، حيث ركّب لها محراثاً لحرث الأرض، وساعدته في عملية الحش والعزق والري ولقيط القطن.!

بما أن كوكب بلوتو به صحارى واسعة، ورمال لا تستطيع الجمال السير عليها، لذا تم استخدام (البعوض الهجين) في عبور الصحراء، وانتزعت البعوضة اللقب من الجمل، وصار اسمها هناك (بعوضة الصحراء)، وذلك لأن صفاتها تشبه الجمل، أرجلها طويلة تساعدها على المشي في الرمال، وتتحمل العطش لأن بطنها كبيرة لتخزين المياه، وتتميز عنه بأنها تطير .!

(5)

البعوض الهجين تم استخدامه في الترفيه داخل المدن، حيث أُنشأ له مضمار سباق بالقرب من (سباق الخيل)، تمت تسميته بـ (سباق البعوض)، ومثلما أنه في بعض الدول توجد مصارعة الديوك ومصارعة الثيران، تم تنظيم مهرجانات لـ(مصارعة البعوض)!!.

بالقرب من مصانع السيارات في كوكب بلوتو تم إنشاء معارض لبيع البعوض المحسن ذو الموصفات العالية، بأشكال وأنواع مختلفة، من بعوض مصارعة، بعوض سباق، بعوض صحراء، بل وصار هناك (البعوض السفري)، الذي يستخدم كـ طائرة خاصة، وصار اعتيادياً أن ترى مواطناً يمتطي بعوضته الخاصة ليذهب بها إلى العمل، أو يسافر بها بين المدن، والآن تتم دراسة مشروع لتمليك كل طالب جامعي بعوضة توصله إلي جامعته طيراً، وأن يكون لكل جامعة موقف خاص للبعوض!! وبالنسبة للبعوض الذي يستخدم في الطيران بين الولايات أنشئوا له مطار خاص يسمى (بعوضير لإقلاع وهبوط البعوض الهجين)!!.

(6)

خَلقت البعوضة الهجين وظائفاً جديدة، وأصبحت سبباً في تشغيل الكثير من العاطلين عن العمل، حيث فتح البعض محلات لـ (زينة البعوض)، فهناك من يريد أن يركب لـ بعوضته زجاج أمامي وهو يمتطيها لحمايته من سرعة الهواء، وآخرون ممن يمتلكون بعوض المصارعة، يرغبون في تزويد بعوضهم ببعض المخالب الحديدية حتى تمكنهم من الفوز في مصارعة البعوض، مثلما يحدث في مصارعة الديوك عندما يزودون مخالبها بأظافر نحاسية حتى تكون أكثر شراسة، وأما بعوض السباق هناك من يرغب في تركيب (حدوة) لكل رِجل من أرجل البعوضة الستة، حتى لا تتآكل من كثر الجري، كذلك تم فتح صيدليات بيطرية خاصة بالبعوض، تباع بها أدوية لتسمين البعوض، لأن البعض يحب أن يباهي بأن بعوضته أسمن من بعوضة فلان، وأنتجت المصانع منظفات لتلميع أجنحة البعوض، وجعلها نظيفة براقة، وقد انتشرت ظاهرة (البعوض المظلل) ولكن (شرطة مرور البعوض) كانت لهم بالمرصاد، وهي لا تحرر المخالفات فقط؛ بل تنزع أي بعوضة غير مرخصة، ولا يمتلك صاحبها رخصة (قيادة بعوضة عامة)، فكل بعوضة ألصقت على جناحها لوحة خاصة، بها رقم متسلسل، ليميزها عن بقية البعوض.!

(7)

دخل البعوض في كل صغيرة وكبيرة في حياتنا – نحن سكان كوكب بلوتو- وأذكركم أنا (صديق) الذي يكره البعوض، وأحكي لكم عن حلم رأيته في المنام مرت به هذه الأحداث. أصبحت البعوضة عندنا شيء لا يمكن الاستغناء عنه، وتطلب الأمر إنشاء إتحاد خاص بالبعوض سُمى (إتحاد أصحاب البعوض)، ورئيسه مسئول عن كل بعوضة تحوم في أنحاء الكوكب، وإتحاد البعوض يعمل بصورة فعالة حتى أنه طالب بإضافة سؤال في استمارة التعداد السكاني عن عدد البعوضات في المنزل، حتى يتم حصر وتعداد البعوض بصورة علمية دقيقة، وهو يضع الآن دراسة لإنشاء (جهاز تعداد بعوضي) خاص بها لوحدها.!

(8)

وبما أنه سيكون هنالك من أصحاب النفوس الضعيفة والضمائر المعدومة، ممن يسيئون معاملة البعوض، مثل أن تحميلها ما لا تطيق، أو التقصير في إطعامها، تم إنشاء (جمعية الرفق بالبعوض) للحد من إنتهاك حقوق البعوض، وكذلك تم إنشاء جامعة خاصة تدرس علوم (الإنتاج البعوضي)، برعاية (المعهد الكوكبي لرعاية البعوض الهجين)، هذا المعهد يقوم بأبحاث حول تحسين نسل البعوض، وله الفضل في اكتشاف أن مخلفات البعوض هي عبارة عن مادة شبيهة بالأسمنت ، إلا أنها أقوى منه بحوالي أربعين مرة، وأن البعوضة الواحدة تنتج في السنة الواحدة من هذه المادة ما يكفي لبناء عمارة من ثلاثة طوابق، وهذا أحدث ثورة عمرانية هائلة، وودع سكان بلوتو بيوت الطين والجالوص إلى غير رجعة، وكل منزل عندنا تم بنائه من مادة (الأسمنت البعوضي) وهو أرخص من الأسمنت العادي وأقوى منه.!

(9)

هذه الأيام تتم دراسة إدخال البعوض ضمن الثروة الحيوانية، ومعرفة كم رأس من البعوض تنتجه البلاد في السنة ؟! وما هي الكمية المقرر تصديرها للدول المجاورة!؟ وما هو تأثير البعوض على ميزان المدفوعات، وحركة الأسهم والبورصات؟

وتم نشر دوريات علمية وتأليف كتب في كيفية تربية البعوض، وآثاره الاقتصادية والاجتماعية والثقافية؟! وهذه الكتب لها عناوين مثل: (إسهامات البعوض في الدخل القومي: دراسة مقارنة)، (تكنولوجيا البعوض)، (البعوض وأثره في التنمية الاقتصادية) ، (أثر البعوض في التجارة الكوكبية)، (سياسية تصدير البعوض الي ما وراء البحار)، (حياتنا بعد البعوض)، وخصصت للبعوض صفحات ومواقع في الانترنت مثل (باعوضة دوت كوم) ، (بعوضة دوت نت).!


1 التعليقات:

gamal eldin يقول...

شركة مكافحة فئران بمكة
اننا شركة مكافحة فئران بمكة من افضل الشركات التى تساعدك على التخلص من الفئران و جميع القوارض المتواجدة بالمنزل لديك فنحن نقدم لك مكافحة فئران بمكة بأفضل و احسن مستوى من الدقة و الاتقان مع تقديمنا للعديد من الخدمات التى تساعدك على التخلص من الحشرات مثل مكافحة العته بمكة و مكافحة بق الفراش بمكة
مكافحة فئران بمكة
https://elbshayr.com/3/Pest-control

إرسال تعليق