الخميس، 7 يناير 2010

عندما يكون الشخير بالسلم الخماسي …!!

(1)

(الجيلي) يشبه المصارعين الضخام، فهو طويل وعريض، ومفتول العضلات، وطيب القلب. صوته جهوري إذا تكلم بصوته الأجش الغليظ يسمع غيره ولو على بعد ميل، مع كل هذا حباه الله بموهبة فريدة في الشخير، الذي يتضاءل بجنبه صوت ركشة رعناء، ولو كانت هناك مسابقة لأعلى صوت شخير سيفوز بها، وسيدخل تلك الموسوعة بكل سهولة.

(2)

يسكن (الجيلي) الملقب بـ (أبو جُلّة) ضمن مجموعة من العزابة في بيت إيجار عبارة عن صالون طويل يردد صدى شخيره فيضاعفه مرتين، أدخلهم معه في امتحان عسير في طول البال، حيث كان يتحفهم يومياً بشخيره العالي وكأنه يستعين بـ(ساوند سيستم) يعمل بطاقته القصوى، حتى أنه يوقظ الجيران بشخيره الذي يشبه صوت موتور أرعن، فيسمعون منه مختلف النغمات، أحياناً يشخر بالنغمة (فرررر) وتارة (جرررر)، وأصبح ينوع لهم الأداء فيشخر لهم أحياناً بالسلم الخماسي، ومرة بإيقاع (التُم تُم).!

(3)

تضايق منه زملاءه العزابة، صحيح أنهم يسكنون بالقرب من المطار، وصوت الطائرات المزمجرة تهدر من فوقهم ليل نهار، إلا أن شخيره كان يزعجهم أكثر، ولكن ما يغيظهم أكثر من الشخير؛ أنه عندما يستيقظ ويخبروه أنه كان يشخر كـ(وحيد القرن) في الأدغال؛ يغالطهم بأنه لا يشخر مطلقاً، ويحلف بكل صيغ القسم بأنه لا يشخر، وكان من الصعب إقناعه بأنه مبدعاً في هذا المجال.

(4)

(أبو جُلة) بجانب إمكانياته في الشخير؛ كان كذلك لا تشق له (كتاحة) في المغالطة؛ فكر زملائه العزابة في دليل دامغ، ليثبتوا له أنه فقط يشخر. اتفقوا جميعهم على أن يسجلوا صوت شخيره في الموبايل، فانتظروه حتى بدأ بالنوم، وابتدأ معه السيمفونية إياها، فقربوا له الموبايل من خياشيمه، وضغطوا زر التسجيل، سجلوا له نصف ساعة من الشخير المتواصل بلا انقطاع حتى سئموا واكتفوا بهذا القدر وانتظروا حتى الصباح حتى يحيطوه علماً بأن تهمة الشخير قد ثبتت عليه، وهذا هو الدليل الذي لا يقبل الشك.!!

(5)

أشرقت شمس الصباح، اجتمعوا به وأخبروه بأنهم يريدون أن يسمعوه شيئاً، أداروا له نغمة الشخير الذي يشبه صوت شلال يتدفق من عل.

تكلم معه حسن بتشفي:

- أها يا أخوي ده شخيرك سجلناه ليك عديل، عشان ما تغالط، ما دايرين منك حاجة .. بس اعترف لينا إنك بتشخر.!

وبعد أن استمع ملياً فكر وقدر ثم أجابهم بثقة:

- يا جماعة كم مرة قلت ليكم أنا ما قاعد اشخر، والصوت المسجل في الموبايل ده يا صوت خلاطة، يا صوت سباق مواتر.!

تلفتوا نحو بعضهم في دهشة، واحتاروا في كيفية إقناعه بأن هذا هو شخيره الذي يسمعه لهم كل يوم، ولكنه لم يصدق، وحلف بأغلظ أيمانه بأنه لا علاقة له بهذا الصوت لا من بعيد ولا قريب، بل اتهمهم أنهم سجلوا صوت (سباق المواتر) هذا من التلفزيون من برنامج عالم الرياضة!.. ومع حدة مغالطته سكتوا، وتأبطوا له شراً.

(6)

عقد بقية العزابة اجتماعاً خاصاً وسرياً ناقشوا فيه كيفية إقناع (أبو جُلّة) بأنه يشخر، وبعد ثلاثة ساعات من النقاش المستفيض، خرجوا بأنهم لابد أن يصوروا شخيره بالصوت والصورة، حتى تثبت عليه التهمة تماماً ولا يدعون له مجالاً للإنكار، اشترى أحدهم جهاز موبايل مزود بكاميرا ذات دقة عالية، لتوثيق هذا الحدث.

(7)

انتظروه حتى نام، وبدأ شخيره يتعالى تصاعدياً، وبدءوا بتصويره ذات اليمين وذات الشمال، وكانوا يتبادلون الأدوار، حتى أنهم يتفنون في التصوير مرة من أعلى، ويبعدون الصورة ثم يقربونها، وبعدها يغيروا زاوية التصوير من جهة أخرى، فسجلوا له حلقة كاملة، أو قل فيلم توثيقي ينقصه التعليق والإخراج، ولم ينتظروه هذه المرة حتى يستيقظ، بل (نهزوه) من سريره، فاستيقظ مندهشاً و(مخلوعاً) وهو يفرك في عينيه في حيرة وتعجب وقال:

- بسم الله … مالكم يا جماعة في شنو؟!!

رد عليه خالد بحدة:

- في شنو قال .. الشنينة أم قرينات .. قوم شوف الفلم الهندي السجلناه ليك ده.!

أداروا له الشخير من بدايته على شاشة الموبايل المسطحة الكبيرة، وبعد أن تمعن فيها كثيراً وغلبه ماذا يقول، حك رأسه بحيرة ثم قال:

- ( والله الصورة دي فعلاً حقّتى، والزول البتقلّب ده ياهو أنا زاتي ، لكن صوت الشخير العالي ده مدبلج)!!!.

0 التعليقات:

إرسال تعليق