الخميس، 7 يناير 2010

كشف الأخبار في أصل كلمة شمار!!

(1)

اليوم سنحكي عن (الشمارات)، و(الشمار) لمن لا يعرفه هو الخبر الذي يتم تناقله في وسط الحلة، والشمار هو الاسم الحركي لـ (القطيعة)، وهو يندرج تحت طائلة (أكل لحم أخيك حياً)، ويُرصد ضمن نتائج حصاد الألسن يوم الحساب، وهو يأتي نتيجة للفراغ وقلة الشغلة الـ بِتعلّم المُشاط، نقل الشمار اشتهرن به النساوين وبالذات في قعدات الجبنة، حيث يكون الجو ملائماً لنقل الشمارات البينية، وكذلك يحلو الشمار في بيوت العزاء والأعراس، صحيح أن الشمار ماركة مسجلة لـ النسوان، إلاّ أن لبعض الرَجّالة منه نصيب، وعملية نقل الشمار تُسمّى بـ (فتّ الشمار)، ويتم (فتّ الشمار) حيثما اجتمعتا امرأتان فـ أكثر.!

سيكون حديثنا – سيداتي .. آنساتي وسادتي- عن الشمار بمختلف تقسيماته وأنواعه، ثم عن حامله ويُسمى (الشمشار)، وحاملته وتُسمى .. أضف لـ كلمة الشمشار التاء المربوطة أكرمنا الله وإياك، أما المحمول إليه\إليها، دي والله ما عارف بسمّوها شنو؟!

ينقسم الشمار إلى ثلاثة أنواع مختلفات: (شمارٌ طازج)، و(شمارٌ تقيل)، و(شمارٌ بايت)، أما الطازج منه فهو الذي يتم نقله بعد وقوع حادثته بقليل، وأحياناً قبل ما تقع ذاتو، فـ مرات يجيبو ليك خبر الواحد قبل ما يموت.!

أما الشمار التقيل، فـ الحديث عنه ذو شجون، وهو النوع السائد والمتوفر هذه الأيام، فـ شمار الطلاق يُصنّف ضمن الشمارات التقيلة جداً، وتقلته تأتي بعد معرفة أن (فلانة ديك طلقوها)، ثم تتواتر الأخبار بعد ذلك لمعرفة لماذا وكيف ومتى وأين طلقوها؟ وما هي الظروف والملابسات التي طُلّقت فيها؟ وهل لطلاقها علاقة بـ ثٌقب الأوزون؟ أم بـ تداعيات الأزمة المالية المعاصرة؟

أما الشمار البايت فهو نادر الحدوث .. لأنو هو ذاتو البخليهو يبيت منو؟!

(2)

شمارات البادية تختلف عن شمارات الحضر، فـ في الريف والحلاّل المجاورة قد تجد شمارات على طراز:

- الجزولى عضاهو الحمار.!!

أو - أم بختين بت عشميق ود اللدر راجلها دقاها بالعكاز!!

أما في الحضر فيختلط الشمار بـ القطيعة وشيل الحال، وقد تجد إحداهن تقول للأخرى بمغسة مجهولة السبب أن:

- فلانة ديك.. مفلهمة ومقرضمة .. جات بيت البكا بي توب (القنبلة) .. يقنبلها البلا.. عاملة سكاكاتها الطوال ديل .. يَسكّها (أب نخرة)!

وتختلف الشمارات كذلك باختلاف المجتمعات، فـ شمارات الموظفين والموظفات لها طابعها الخاص، وشمارات الجامعة تختلف عن شمارات غير الجامعة، وأهل كل مجتمع أدرى بـ شماره.!

(2)

كلمة شمار من الكلمات التي انتشرت واشتهرت وتغلغلت في مجتمعنا السوداني أفقياً ورأسياً بسرعة محيرة، وهي كغيرها من الكلمات في عاميتنا مجهولة المصدر والمؤلف، ومن الصعب أن تجد أحداً بخبرك بـ لماذا سُميّ نقل الأخبار (شماراً)،؟ قد يكون السبب أن الناقل للخبر أحياناً يزيد عليه بعض البهارات والمُقبلات -والشمار منها- وذلك حتى يكون للخبر نكهة تُعجّل بسرعة انتشاره.! والله أعلم.

(3)

وقعت في يدي قصة خيالية مجهولة المؤلف يشرح فيها من أين نبعت كلمة شمار، سأترككم مع القصة التي سأوردها بتصرف.

في قديم الزمان كان العرب وهم يتجولون في الصحارى الواسعة تصيبهم بعض الأمراض ويموتون بسببها، حتى يقال أن ) يخطل بن سكرون)، لقي حتفه في صحراء بيوضة وهو متجه إلى الشام لنقل بعض الصحائف من الخليفة العادل، وقد تأخر في الوصول، فـ أرسلوا خلفه حملة من الجند، ووجدوا جثته في الصحراء بعد سبعة أيام، وبعد التشريح، وبواسطة الرنين المغناطيسي اكتشفوا انه مات بوجع البطن، لذا اصدر الخليفة العادل الفرمان الذي حذر فيه أن أي مسافر يُقبض عليه وهو ليس معه حفنة من شمار سيحاسب، وقد اشتهر الشمار في تلك الأيام بأنه علاج لكثير من الأمراض، ويتم تناوله إما شُربا،ً أو سفاً أو مسحاً أو تدردقا فيه، فصار منذ ذلك اليوم كل مسافر يحمل معه شماراً، وعند عودته من السفر يكون معه بعض أخبار البلاد التي زارها، وأخبار من فيها من بني البشر، فصار اسم الشمار مربوط بأخبار الناس، وكان عند عودة المسافر من السفر في بوابات المدن الكبرى يُسأل عن الشمار بتاعو (الشمار الجد جد ) فيخرجه للحراس فيفتحون له الأبواب، ثم تدور الونسة ويخبرهم بما رأى من أشياء وما سمع من قوالات، فـ يخفف بذلك عن الحراس ويسلّيهم، فأصبح الحراس ينتظرون المسافرين للتخفيف عنهم، ومع مرور الأيام أصبح الحُراس يتساهلون مع بعض المسافرين الذين ليس معهم شمار جد جد، عندما يخبرهم أحد بـ شمار كارب، يتركونه يمُر، وعندما يسألهم رئيس الجند عن شخص دخل فـ يضحكون ويقولون له: خليهو ياخي يدخل .. ده عندو شمار، ومع مرور الوقت صار نقل الأخبار هو الشمار.!

(4)

اللهم إنا نعوذ بك من القيلَ والقال .. وإضاعة المال ..ونقل الأخبار .. وكثرة الشمار.. اللهم بـ ببركة هذه الجمعة باعد بيننا وبين ناس الشمار كما باعدت بين المشرق والمغرب.. اللهم أجرنا من شمارات وقوالات الحِلة .. فإن بها أصل البلاء والعِلّة .. وإذا أكثرنا من الشمار .. فألهمنا بـ الاستغفار .. برحمتك يا أرحم الراحمين.!


0 التعليقات:

إرسال تعليق