الخميس، 7 يناير 2010

حبابكم عشرة بلا كشرة .. في الصين..!!

خالد يصنف من ضمن الشباب (المرطبين)، ورث عن والده مصنعاً يدر عليه بدخل عالي جعله دائما ما يقول :(هسع القروش الكتيرة دي أعمل بيها شنو ؟؟)، ولكن من عيوبه الكبيرة أن لا يحب العمل، يميل إلى (الترطيبة) كثيراً، أكبر مجهود يقوم به هو أن يذهب نهاية كل شهر ليستلم إيراد المصنع، لم يكن لديه شُلة يصرف، لديه صديقه الوحيد (سامي) الذي لا يعاني من أي مشاكل مالية وطبعه يقترب من (خالد).


أصبح خالد وسامي يعانيان من الفراغ العريض، وأصبح موضوعهما الوحيد هو عدم الموضوع، ومشكلتهما المشتركة هي عدم المشكلة.!

يوم ما خاطب خالد صاحبه سامي في زهج:

- (هسع عليك الله الدبرسة دي يفكوها كيف؟.. النادي زهجنا منو .. التلفزيون ما فيهو جديد.. نسوي شنو يعني؟!.)

أجابه سامي وهو يلوح بيده في ضيق:

- (ياخ أنا زاتي زهجت من عدم الموضوع ده!)

إلتفت إليه خالد وقال له بحماس:

- (رايك شنو نسافر!!.)

- (نسافر نمشي وين؟!)

- (نمشى الصين.)

- (نمشى نسوي شنو في الصين؟!.)

- (سياحة ساي .. نتجدع لينا سبعة أيام في شوارع بكين ونرجع.)

فكر سامي قليلاً وقال:

- (والله فكرة كويسة.!)

قاما من مكانهما فورا وبدءا في التجهيز للسفر، وبعد يومين فقط قال سامي لخالد وهما في الطريق لركوب الطائرة المتجهة رأساً إلى الصين:

- (أخيراً الواحد يغير جو شوية.)

رد عليه خالد بلهجة قلقة:

- (ده كلو هين انشا الله الصين دي يكون فيها (ود عماري)؟!.

أجابه سامي ضاحكاً:

- (الصيننيين ديل عندهم أي حاجة، ما تستبعد نلقا هناك وارد بكين)!.

طوال الرحلة لم يتكلم أحدهما مع الآخر، وعندما لامست عجلات الطائرة أرض مطار بكين الدولي ربت سامي على كتف خالد ليوقظه:

- (اصحى يا زول .. وصلنا العاصمة بكين.)

تثاءب خالد بعمق وهو يتطلع لمعالم المدينة من خلال نافذة الطائرة، نزلا وهما يتلفتان في حيرة، وبعد خروجهما من أرض المطار إلتفت سامي نحو خالد وقال له:

- (أها يا أخوي .. وصلنا الصين .. من هنا نمشي وين؟!)

وقبل أن يكمل حديثه توقف لهما تاكسي صيني ونزل لهما السائق وسلم عليهما (سلام عِرفة) وخاطبهما بعبارات من طراز:

- (تشنغ شوان تشيانغ شلونغ)!!

نظر خالد نحو سامي بحيرة قائلاً:

- (الزول ده برطن كده بقول في شنو؟!)

- (والله ما عارف ؟!.. أنا غايتو صينيتي ضعيفة، لكن شكلو كده قال لينا: مرحب بيكم وحبابكم عشرة بلا كشرة في الصين!)

- (خلاص وكت بتعرف صيني قدر ده قول ليهو شوف لينا فندق ننزل فيهو.!)

وبلغة الإشارات البسيطة التي يفهمها الجميع أخبره سامي بأنهما (جديدين لنج) في البلد، ويبحثان عن فندق.!


رطن لهما الصيني بحماس وفتح لهما أبواب التاكسي جميعها وركبا معه، ثم انطلق بهما في شوارع العاصمة وخالد وسامي يتأملان في ملامح العاصمة، طالت مسافة الرحلة، قطع بهما التاكسي تسعة كباري طائرة ومعلقة وزاحفة، صاح سامي في دهشة:

- (الزول بلفلف بينا كده داير يودينا وين؟!)

وفي هذه الأثناء توقف التاكسي تحت ناطحة سحاب من حوالي مائتي طابق، وأنزل لهما حقائبهما، قبض حسابه واستدار راجعاً.

اتجه الصديقان نحو موظف استقبال الفندق وأفهماه بصعوبة أنهما يريدنا غرفة واحدة كبيرة لمدة أسبوع، أعطاهما الموظف مفتاح به رقم غرفة يتكون من خمس خانات، صعد معهما العامل حتى الطابق المائة وستة وتسعين.

ارتمى خالد على أقرب سرير وهو يهتف باندهاش:

- (والله الصينيين ديل ببالغوا عديل.. الغرفة دي تلقاها قريبة من النجوم.!!)

رد عليه سامي:

- (بعد ده شوف لينا موضوع العشا.. أنا جعت شديد .. اللقاويس الجابوه لينا في الطيارة دي ما أكلت منها وما عارفا شنو زاتا..!)

ضغط خالد زراً على الحائط ودخل على إثره أحد عمال الخدمة وهو يمد له كتاباً عبارة قائمة بأسماء الأكلات، استلمه خالد وقلب صفحاته الأربعين باستغراب ووجد به حوالي الستمائة صنف وطنطن بحيرة:

- (ده كلو أكل، هسع نختار شنو ؟!)

أشار بالقلم على أحد الأصناف عشوائياً، وأفهم العامل أنهم يريدان هذه الأكل بالذات، استلم العامل قائمته وذهب.

قال خالد لسامي في غيظ:

- (تختار ساي، ما بتشاور..!)

- (أشاورك في شنو دي مكتوبة كلها بالصيني!)

- (تلقاك اخترت لينا أكلة فيها ضب مشوي بالجمر وللا سليقة سحالي بالصلصلة.!)

في هذه اللحظة دخل عامل الفندق وهو يدفع أمامه مائدة ذات عجلات ووضع أمامهما الطعام وذهب.

فتحه خالد فوجد فيه إناءين بهما شوربة يتلوي بخارها في الهواء، تذوقها بطرف لسانه ثم قال:

- (والله طعما حلو .. كدي جرب اشرب.)

شفط سامي شفطة كبيرة، وصارا يرتشفان بمزاج وهما يخططان للأيام القادمة، رمى سامي الملعقة وقرر أن يشفط من الإناء - الذي يشبه الحلة - مباشرة وفجأة ظهر له شيء ما له عينان كبيرتان..! أمسكها من رجلها الخلفية وهو يهتف بحدة:

- (دي قعونجة يا خالد .. نحنا شربنا شوربة قعونجات …. !!!)

ثم جرى نحو أقرب نافذة وأفرغ معدته من ارتفاع مائة ستة وتسعين طابق، واختطف شنطته واتجه نحو الباب وهو يقول لخالد بلهجة حاسمة:

- (أنا راجع السودان هسع دي … قال الصين قال.!)

0 التعليقات:

إرسال تعليق