الخميس، 7 يناير 2010

عندما تكون جيلفر (1 - 3)

الجزء الأول


جيلفر في بلاد العمالقة

قصص (رحلات غوليفر) ألفها الأديب الإنجليزي (جوناثان سويفت) عاش بين القرنين الـ17 والـ 18 للميلاد واشتهر بمؤلفاته الساخرة المنتقدة لعيوب المجتمع البريطاني في أيامه والسلطة الإنكليزية في إيرلندا. تضم (رحلات غوليفر) أربعة كتب تصف أربع رحلات خيالية إلى بلدان نائية غريبة تمثل كل واحدة منها حيثية للمجتمع البريطاني. سنتطرق الي رحلته الي بلاد العمالقة.

أنت هنا أعتبر نفسك أنك صرت غوليفر، وأصبحت فجأة قزماً صغيراً، وأن طولك لا يتعدى حجم اصبع طفل صغير، ووجدت نفسك تعيش وسط أناس أحجامهم عادية كأحجامنا، كيف ستتأقلم مع الوضع الجديد؟ فأنت الآن بحجم غطاء قلم، وأصغر طفل سيكون بالنسبة لك كعمارة من مائتي طابق، إذا وجدت نفسك في مثل هذه الظروف، اتبع معي هذه التعليمات حتى تعيش بسلام، وأحفظها جيداً فالظروف غير معروفة!!.

- في البداية سيستغرب الناس من حجمك العجيب، ثم يعتادون عليك شيئاً فشيئاً، لذا نبه إخوانك وأهل بيتك إذا أراد أحدهم الجلوس على سرير ما، أو كرسي، عليه أن يتأكد من مكان وجودك أولاً، لأنه إذا جلس عليك أحدهم سوف (يطلع زيتك، ده كان ما لحقك أمات طه).

- حاول عدم الخروج من المنزل بمفردك، لأنه إذا رأتك (كديسة) الجيران، ستعتبرك فأراً (الله سخطو)، وقد تتغدى بك، وحينها لا تلومن إلاّ نفسك.

- إذا خرجت مع الأسرة في زيارة للأهل - مثلاً- كلف أعقل واحد من أخوانك أن يحملك في جيبه (العلوي) لأنه إذا وضعك في الجيب الخلفي، قد يسهو ويجلس عليك، وحينها الله يعوضك، ولا تسمح له أن يدخلك في جيب البنطلون الجانبي، لأنه قد ينسى ويدخل معك كيس السعوط، بعد خمس دقائق فقط وتكون بقيت فطيسة.

- أعقد إتفاقاً سريعاً مع كل من تعرفه بأنه ممنوع (الهظااااار) فأنت الآن بحجم الأصبع، وإذا لمسك أحدهم لمسة خفيفة، ستكون بالنسبة لك وكأنه اصطدم بك قطار كريمة.

- حاول أن تهتم بالرياضة، بالنسبة لرفع الأثقال ابدأ برفع بملعقة الشاي الصغيرة، وبعد عدة أيام اتجه للكبيرة، وواصل في التمارين حتى تصل الي مرحلة أن ترفع موزة كاملة، حينها تأكد أن وصلت الي بطولة العالم في رفع الأثقال لمن هم في مثل حجمك.

- بالنسبة لأدواتك التي تستعملها في حياتك اليومية ستكون تفاصيلها بسيطة، فأنت تحتاج لسرير صغير، لذا فإن أقرب علبة هندسة ستفي بالغرض، إذا أردت أن تشرب فأنت تحتاج الي كباية، فالكبابي العادية أصغر واحدة ستكون بالنسبة لك عبارة عن برميل كبير، لذا سأعطيك فكرة، أطلب من أحد أفراد الأسرة أن يذهب للصيدلية ويحضر (كورس) من كبسولات المضاد الحيوي، ثم كلفه أن يفتح أي كبسولة ويفرغ محتوياتها، ويعطيك الفاضي، وفارغ الكبسولة سيكون بالنسبة لك عبارة عن كباية في منتهى الأناقة، وعندما يفرغ لك (الكورس) كله ستكون قد إمتلكت أكثر من دستة من الكبابي المعقمة الجيدة الصنع.

- في الأكل ستكون مريحاً، رغيفة قد تكفيك إسبوعاً بحاله، حبة عنب واحدة تعتبر بالنسبة لك وجبة كاملة، بالنسبة للشعيرية فإن خيطاً واحداً طوله عشرة سنتمترات سيكفيك لوجبة العشاء، وللفطور أعتقد أن حبة فول واحدة تفى بالغرض، فمن هذه الناحية لا تهتم كثيراً.

- من المشاكل التي ستواجهك في الحياة مشكلة الوظيفة ( ياخ الناس الطوال ما لاقين شغل)، لذا فإن أفضل حل لك أن تستمتع بالعطالة (ثم هو إنت زاتو شغال ليها شنو؟).


الجزء الثاني

جيلفر في بلاد الجياد الناطقة

قصص (رحلات غوليفر) ألفها الأديب الإنجليزي (جوناثان سويفت) عاش بين القرنين الـ17 والـ 18 للميلاد واشتهر بمؤلفاته الساخرة المنتقدة لعيوب المجتمع البريطاني في أيامه والسلطة الإنكليزية في إيرلندا. تضم (رحلات غوليفر) أربعة كتب تصف أربع رحلات خيالية إلى بلدان نائية غريبة تمثل كل واحدة منها حيثية للمجتمع البريطاني. سنتطرق الي رحلته الي بلاد الجياد الناطقة.

ذهب غوليفر هذه المرة الي بلاد فيها خيل ناطقة وعاقلة وفاضلة، تنم لغتها عن عقل سليم وفكر عملي، وهي القائمة بحكم البلاد من بقية المخلوقات بفضل سلوكياتها الفاضلة. أما (بني الياهو) التي تشبه أشكالها البشر فهي مخلوقات بكماء، قذرة، شرسة، جشعة، أنانية وغدارة ولها ميل فطري للشر. وترى فصيلة الجياد أن غوليفر من (بني الياهو) وأنه قد يعود يوما إلى طبعه الشرير كالآخرين، رغم ما أظهره من تحضر فلذلك أمرته بمغادرة البلاد.

تخيل نفسك أنك وجدت نفسك في بلاد سكانها العقلاء من الحمير، وحميرها من البشر، (نغير من الحصين شوية)، ولنشطح قليلاً ونتخيل أن هذه الحمير طلبتك أن تجري معك مؤتمر صحفي، وأجلسوك في كرسي ساخن ودار بينكم الحوار التالي:

أنت: أها يا جماعة عرفناكم حمير، وبتعرفوا تتكلموا، وناس فاهمين، أقصد حمير فاهمين، وأنا جيت البلد دي بالغلط ، دايرين مني شنو؟

حمار(1): دايرين منك شنو كيف يعني إنتو عمركم ده كلو تتضهدوا فينا، وكسرتو ضهورنا بالشيل الكتير، نحن دايرين نسألك عن حميرنا في بلدكم بتعاملوها كيف؟

حمار(2): ثم يا ابن العم سؤال تاني: في بلدكم كم مرة حصل شفت ليك حمار سايق كارو؟

أنت: جابت ليها (إبن العم).. والله ده كلام عجيب!! حمار يقول لي (ابن العم)!!

حمار(2): جاوب حسب السؤال.

أنت: والله يا باشا، أنا شفت في حياتي حمير كتير سايقين كوارو ، أنا زاتي كنت بتاع كارو.

حمار(1): أيواا .. الحمار الكنت سايقو ده .. كنت بتجلدو..و للا بمشي براهو؟

أنت: في حمار بمشي براهو .. والله كنت بجلدو جنس جلد.. هو زاتو كان حماد مكادي.

يلتفت حمار(1) الي حمار(2) ويقول:

- أكتب عندك أنه كان يجلد بني جلدتنا في بلادهم.

حمار(1): الحمار عندكم قاعدين تشيلوهو شنو؟

أنت: إييييك، والله قاعدين يشيل كتير .. مرات ناس.. ومرات برميلين موية.. ومرة كم شوال عيش.

حمار(1): الحمار في بلادكم هل تأكلونه طعاماً مفيداً كالبلح.. والعنب والبقدونس!!

أنت: بقدونس شنو يا شيخنا؟! هو نحنا لاقنو.. على بالطلاق غير العلف وأبو سبعين والعنكوليب ما قاعد يأكل أي حاجة.

حمار(1): هل تعطونه وجباته الخمسة مكتملات في اليوم؟.

أنت: خمسة وجبات أصلو نحنا قاعدين نشيل فيهو شوالات يورانيوم، حمارنا بياكل وجبة واحدة في اليوم .. وكان بالغ وجبتين.

حمار(1) يلتفت الي حمار(2):

سجل عندك أنهم يجلدون الحمير ويثقلون ظهورهم ويحملونها مالا تطيق ولا يحافظون على وجباتها انتظام .

حمار(1): سمعنا أنكم تستخدمون لفظ حمار للإساءة فيما بينكم .. هل هذا صحيح؟

أنت: الكلام ده صاح .. لو واحد فينا يعني بليد .. قاعدين نقول ليهو (يا حُمار) .. وبزعل شديد وكت يقولوا ليهو يا حُمار، لأنو الحُمار ده عندنا نبزة شينة زي (يا زول) عندكم.

حمار(1): الحمير في بلادكم هل تستخرجون لها شهادة ميلاد.

أنت: أبداً .. سبحان الله.!!

حمار(1): هل تمتلك بطاقة حميرية؟

أنت : حاشا لله.. ما قاعدين نعمل كدة.

حمار(1): هل تطلقون على أي حمار اسم معين؟

أنت: لا ولله .. الحمار عندنا حمار .. إلا كان يكون حمار حلب، حمار مكادي حمار وحش.

حمار(1) يلتفت الي بقية الحمير في الجلسة ويتناقشون ثم يستعدل.

حمار(1): حكمت عليك محكمة الحمير الجنائية تحت المادة خمسة ألف بالجلد 12 ألف سوط .. وأن تأكل ربطة علف يومياً لمدة اسبوع.

أنت : سوط شنو يا جماعة الخير .. ما قلتو ده مؤتمر صحفي؟

حمار(1): رفعت الجلسة.


الجزء الثالث

جيلفر في بلاد الأقزام

قصص (رحلات غوليفر) ألفها الأديب الإنجليزي (جوناثان سويفت) عاش بين القرنين الـ17 والـ 18 للميلاد واشتهر بمؤلفاته الساخرة المنتقدة لعيوب المجتمع البريطاني في أيامه والسلطة الإنكليزية في إيرلندا. تضم (رحلات غوليفر) أربعة كتب تصف أربع رحلات خيالية إلى بلدان نائية غريبة تمثل كل واحدة منها حيثية للمجتمع البريطانية. سنتطرق الي رحلته الي بلاد الأقزام.

وفيها يتحدث الراوي عن أهم ما صادف غوليفر بعد تحطم سفينة (انتيلوب) في البحار الجنوبية سنة 1700م، بعد أن كانت بداية الرحلة ممتعة، مات جميع البحارة، عدا غوليفر، الذي وصل إلى اليابسة منهكا، وبعد أن غط في نوم عميق، استيقظ ليجد نفسه مكبلا بآلاف الخيوط المثبتة بقوة إلى الأرض وتشل حركته، وشيئا فشيئا بدأ يشعر بوجود كائنات حية تتحرك على جسمه، وعندما وصل أحد هذه الكائنات إلى وجهه استطاع بصعوبة تحديد شكله بما يسمح له النظر، لقد شاهد قزما لا يزيد طوله عن قلم صغير، ومن ملابسه استدل أنه جندي، ثم تكاثر الأقزام على جسمه حتى زادوا عن الأربعين، حينها صرخ فيهم من هول المفاجأة فهربوا جميعا خائفين، بعدها أطلقوا سراحه وعندما أحضروا الطعام كان غوليفر يأكل بشراهة وسط صيحات الدهشة، وحين فرغ من الطعام طلب الشراب فأحضروا له الحليب وعندما طلب المزيد أظهروا له أنهم لا يملكون أكثر مما شرب، وهو ما يعني أنه شرب حليب البلد كله!

هنا تخيل أنك صرت كـ غوليفر ووجدت نفسك في بلاد كلها أقزام، أطولهم قامة لا يتعدى طوله قطعة سجق، قد تراودك الأحلام بأن تحكم هؤلاء القصار ولكن أقترح عليك أن تفعل ما هو أفضل حتى تعيش أنت وهم بسلام.

× يجب عليك في البداية أن تتحسس مواضع أقدامك بحذر حتى لا تهدم منازلهم التي بالنسبة لك ستكون عبارة عن صناديق صغيرة متناثرة على الأرض، وإذا أردت أن تنام فاختار لك منطقة خالية من السكان لأنك عندما ترقد ستحتل مساحة مدينة كاملة بالنسبة لهم.

× أرجو ألا تطيل فترة وجودك بينهم، لأنك ستخلق لهم فجوة غذائية، وقد تتسبب لهم بمجاعة، لأن إطعامك سيكون مشكلة كبيرة، فأنت بإمكانك أن تأكل ما يكفى هؤلاء القوم لسنة كاملة، وبالمنطق إذا كان حجم الواحد منهم كاصبعك فإن حجم خرافهم ستكون كالنمل، وأبقارهم كالبلح، فـ (شخصك السمين) يحتاج إلي ألف خروف، ومائة ثور على الأقل، لإفطارك فقط ، ولو وفروا لك وجبة واحدة ستكون السبب في إنقراض حضارتهم، وحتى توفير مياه شُربك ستكون كارثة لأن الأقزام هؤلاء نهرهم سيكون على قدر حالهم فإذا عطشت قد تستهلك كل مياههم في أقل من اسبوع.

× إذا أردت أن تقوم بعمل خير أبني لهم مدينة سكنية وتخيل أنك تلعب بالطين عندما كنت صغيراً ويمكنك أن تبدع في بناء العمارات، أبني لهم برج ودعه يصل طوله ثلاثة أمتار ، فهذا بالنسبة لهم بناية من ثلاثين طابق، وأكمل جميلك بأن تسفلت لهم الشوارع، وتشق لهم الترع، وتجهز الأراضي الزراعية، وكل هذا لا يكلفك شيئاً.

× هؤلاء القوم لابد أن يكون لديهم أعداء، وتقوم بينهم المناوشات والحروب، فأنت بإمكانك أن تساعدهم في دحر أعدائهم، وذلك بأن تحشر هؤلاء الأعادي كلهم في جيوبك، وترجعهم إلي بلادهم وتحذرهم إذا أتوا مرة أخرة ستصنع منهم كفتة وسجوق محمرة بلا زيت، وتأكد أنهم لن يعودوا إذا كانوا عقلاء.!

0 التعليقات:

إرسال تعليق