الأحد، 14 فبراير 2010

مستشفى -كل من عليها فان- التخصصي..!!

(1)

(أحلام اليقظة) هي نوع من الخيالات التي تزور الـ (بني آدم) البالغ الحُر المُكلف وهو صاحٍ، وعادة ما تكون هذه الأحلام مُستحيلة التحقق على أرض الواقع.

هذه الأيام صار العبد لله يحلم أحلاماً تزن الجبال رزانة.. وهو ماشياً، وليس صاحياً فقط .. و (زلّوط) شخصياً لو سمع بها سيقول لي باستجداء:
- عليك الله يا ابن العم أوزن ليّ من أحلامك دي اتنين كيلو.. واحد سفري والتاني محلي.!

(2)

صارت تأتيني هذه الأحلام النهارية عندما أكون ماشياً في قلب السوق وأنظر إلى غابة اللافتات، لافتات من كل نوع وحجم وشكل، منها ما هو واقف على أرجل طوال، وما هو زاحف على بطنه، منها ما يخطف الأبصار، ومنها ما يلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد.!
على الرغم من ذلك، لم أكن أدقق في جودة وخامة اللافتات، بل أركّز على الأسماء، وعلى ما كُتب على سطح اللافتة، حيث أن التجّار –أحياناً- يسمون محالهم التجارية بأسماء ليست لها علاقة بجودة البضائع بالداخل.. لا من قريب.. ولا حتى من بعيد، تجد (مَغلق) اسمه يتعلق بالرضا، والحقيقة أنه من المستحيل أن تجد فيه شيء يرضيك، قد تشتري منه (زردية) ومع (تقريض) أول صامولة في حياتها، تجد أن (الزردية) قد تكسّرت إلى قطع صغيرة وكأنها صُنعت من الدقيق الاسترالي الفاخر.!
تجد بقالة تعلوها لافتة بطول عشرة كيلومترات –تقريباً- واسمها يومض من على مسيرة سبع ليال سويا.. تجد أن اسمها يدل على الأصالة، في حين أن الأصلي داخلها قليل، وكثير من منتجاتها منتهية الصلاحية.!
ذات الأمر ينطبق على (الجزارات) التي صاروا –يا للعجب- يطلقون عليها (ملحمة)، تجد على لافتاتها مكتوب عبارة بمعنى أن اللحوم لديهم طازجة، على الرغم من أن لحومها مخزنة منذ أسبوع في ثلاجة يفصلون عنها الكهرباء عشرة ساعات في اليوم لأن أهلها يرغبون في تقليل صرف الاستهلاك.!

(3)

نعود لـ لأحلام اليقظة سالفة الذكر، صرتُ أحلم بأن سلطات المحلية قررت من الآن وصاعداً، أن تغيّر أسماء لافتات بعض المحلات التجارية التي لا تخاف الله في حق المواطن المسكين، واكتشفتَ تغريرها بالمواطنين، وبيعها سلع غير صالحة للاستهلاك، وتوصلت السلطات لذلك بعد مراقبتها اللصيقة والدءوبة لها.. ومتابعة كل ما تبيعه هذه المحال للشعب، وبعد اجتماع دام ساعة واحدة، توصلّ أولو الأمر إلى تكوين قوات نظامية تُسمى بـ
- (قوات تغيير أسماء اللافتات).!
وأول ما بدأت به هو تغيير اسم تلك البقالة التي ثبت، أنها أحياناً تبيع سلع مضروبة، حيث تغيّر اسمها إلى:
- (بقالة التاريخ المنتهي).!
وهذا الاسم إنما أتى إحقاقاً للحق، وإزهاقاً للباطل، ومن الآن وحتى يرث الله الأرض وما عليها، كل بقالة ثبت أنها باعت سلع منتهية الصلاحية، سيتم تغيير اسمها إلى (بقالة التاريخ المنتهي)، سواء شاء صاحبها أم أبى.!

(4)

صارت (قوات تغيير أسماء اللافتات) تحقق نجاحات كاسحة، حيث صار اسمها المختصر (قتال) وذلك بعد أن تم أخذ الحرف الأول من كل كلمة، وبعد عدة احتجاجات من نوع أنها تحارب محال تجارية وليس مليشيات على الحدود، تم تعديل الاسم إلى آخر، وذلك بعكس حروف كلمة (قتال)، وصار الاسم الجديد هو: (لاتق)، حيث صارت الأمور بعدها (لاتقة) جدا .. جداً مع المواطنين الكرام، خصوصاً بعد أن تم تغيير اسم أحد محلات الموبايلات للاسم الجديد:
- (محلات الأربعين حرامي للموبايلات المواسير).!!
اتجهت قوات (لاتق) إلى تلك الملحمة وغيرت اسمها إلى:
- (الكيري لـ اللحوم البايتة).!
وغيرت إحدى محلات الخضار إلى:
- (المعفّن للخضر والفاكهة).!
أما محل العصائر الذي كان صاحبه لا يخاف الله وسوء المنقلب، وكان يخلط الفواكه الفاسدة مع الجيدة ويقدمها مخلوطة للزبائن، غيرت قوات (لاتق)
اسمه إلى:
- (مرطبات العصير المغشوش).!
وكل محلات (التمباك) بدون فرز صار اسمها:
- (السرطان المضمون للعماري).!

(5)

اتجهت قوات (لاتق) إلى المستشفيات، حيث صدرت قوانين من جهات عليا، الحقيقة هي جهات عليا شديد، أمرت بتغيير معظم أسمائها إلى أسماء تدل على
حقيقة أمرها، فصرنا نسمع بـ :
- (مُستشفى الندامة التخصصي).!
- (عيادة مَرَقَكْ الله).!
- (مُستشفى لكل أجل كتاب).!
- (مُجمّع -أحمِد الله المَرقتَ حي- الطبي).!
- (مُستشفى الطريق المختصر إلى أحمد شرفي).!

- (مستشفى الدوام لله)!

- (مستشفى كل من عليها فان).!

- (مستشفى الجاتك في روحك سامحتك).!
بل وحتى أسماء الأطباء تم تغييرها، حيث صار من الطبيعي جداً أن ترى لافتة مكتوب عليها:
- (السّفّاح لجراحة العظام).!
- (عيادة الدكتور بلاّع بن كجام).!
كذلك اتجهت قوات (لاتق) إلى بعض الصيدليات التي تبيع الأدوية ذات التاريخ المنتهي، حيث رُكّبت على بعضها لافتات على غرار:
- (صيدلية الأجل المحتوم).!
- (صيدلية ما تلاوز)…إلخ.!

(6)

توجهت قوات (لاتق) إلى معاهد تعليم الحاسوب، التي أحياناً يخرج منها الطالب وهو لا يفرز بين (واو الماوس الضكر) من (ألف الكيبورد الأحمر)،
أحد المعاهد صار عبرة للبقية عندما تم تغيير اسمه إلى:
- (معهد أبو جهل لعلوم الحاسوب)!
ومعهد آخر صارت لافتته تحمل اسم :
- (معهد الفاشلين للتدريب).! وغيره (مقهى إنترنت أوف لاين).!
حتى المدارس لم تسلم من هذه القوات الكاسحة حيث تم تغيير اسم عدد لا يعلمه إلاّ الله من المدارس، إلى اسم:
- (مدرسة العصر الحجري النموذجية).!

(7)

صارت قوات (لاتق) ذات صلاحيات واسعة، حيث ضمّت في كوادرها متخصصون،
ومستشارون من طراز رفيع، وصاروا يطبقون القواعد العلمية والدراسات المنهجية في عملهم، حيث أجروا دراسة ثبت من خلالها:
- (أن البذخ في تجهيزات الزواج.. زيجاته يصيبها الطلاق أكثر من غيرها).!
لذلك عمدت إلى بعض الصالات ومحلات تجهيز المناسبات، التي قد تُقام فيها حفلة زفاف واحدة، إلا أن تكلفتها تكفي لإنشاء مصنع سكر متكامل، وكتبت على لافتاتها بالخط العريض:
- (الطلاق الأكيد لخدمات الأفراح).!