الثلاثاء، 2 فبراير 2010

المعنى العجيب ..لكلمة (بيريجيب)..!!

كما يعلم الجميع أن لغتي الروسية ضعيفة جداً، الحقيقة أنني لا أعرف سوى كلمة واحدة في اللغة الروسية وهي كلمة (بیريجیب)، وهي كلمة عبقرية.. ومعناها: (محاولة تقويم العصا مما يؤدي إلى ثنیھا في اتجاه آخر) ..إذا لاحظت ستجد أن معظم تفاصيل حیاتنا ھي نوع من ھذا الـ (بیريجیب)، وسأثب لك ذلك في السطور القادمة.!!

× تكون الفتاة في بداية عمرها فائقة الجمال .. وقد تكون من النوع الذي قال فيه (جميل):

لها مُقْلتا ريمٍ، وجِيدُ جِدايَة ٍ.. وكشح كطيّ السابرية أهيفُ

فيطرق بابها عشرات الخاطبين، فترفض هذا بحجة أن أنفه أكبر من اللازم، وتأبى ذلك لأنه أقصر منها بعشرة سنتمترات، وترجع ذاك لأنه يلبس القميص الأحمر مع البنطلون الأسود، وهي طول عمرها لا تثق فيمن يلبسون أقمصة حمراء ببناطلين سود.!

بعد أن يمضي بها قطار العمر .. تنتظر أول من يطرق بابها .. فيطرقه رجل مخيف المنظر.. قصير.. أقصر من ألف واو الجماعة، نحيل كعصا مكنسة، تقريباً وصل المرحلة التي قال عنها المتنبئ:
- ( كفى بجسمي نحولاً إنني رجل/ لولا مخاطبتي إياك لم ترنيِ).
هذا الرجل ليس على رأسه شعر، بل هو أصلع كـ كوكب المشترى، يتدلى من وجهه أنف أكبر من اللازم، الحقيقة أنه عبارة عن أنف كبير يتدلى منه رجل قصير، أما عن وسامته فهو أجمل من أي باقة زيت رأيتها في حياتك، وهو مع ذلك من النوع الذي لا يلبس إلاّ بنطلوناً أسوداً مع قميص أحمر .. ويكون هذا بالذات .. أزفت رجل في الكون.! وبعد كلّ هذا تتزوج به.!

× بعض الفتيات النحيفات يردن السمنة.. وتجتهد الواحدة أيما اجتهاد في شراء حبوب النجمة وأبو سريع، وعندما يصلن إلى مرحلة الترهل.. يفكرن في النحافة مرة أخري.!!

× يجتهد ابن آدم في كنز المال .. ويفني صحته في سبيله، حتى يشتعل رأسه شيباً، ويبلغ من العمر عتياً .. ثم يفني ذات المال الذي جمعه في سبيل أن تعود له صحته القديمة. !!

× إذا لاحظت في جميع ضروب الموضة، أن الشخص يسعى أن يكون أنيقاً، فيبالغ في التأنق، ويجتهد في سبيله، فيلبس أشياء ما أنزل بها الذوق من سلطان، ويفعل في مظهره الأفاعيل، وبعد كل ذلك تجده يبتعد عن الأناقة مسافة بعيدة جداً، وهذا يشبه تحويل بركة من الزفت إلى بركة من الطين. !!

× الفارق الوحید بین أية مشادة عادية ومشاجرة عنیفة ھو (الحجّاز)، أي الشخص الذي يتدخل صائحا:

- يا جماعة باركوها .. استهدوا بالله يا ناس .. الخ

الحجّاز –أحياناً- هو من يؤجج المشاجرة، ولولاه لانتھت الأمور بسرعة وسلاسة.. فهو أحيانا يؤدي دور غراب البين بكل كفاءة، فـ بدلاً عن إنهاء الخلاف، تجده قد أضاف مشكلة أخرى وخلافاً جديداً، هو هنا –كتر خيره- قوّم عصا الخلاف حتى ثناها للجانب الآخر، فخلق خلافاً إضافياً لم يكن موجودا من قبل.!!

× تجد أن الفنان أو الشاعر أو الممثل الشاب في بدايات طريقه محاصراً بالنقد، فيكره النقاد ويمقت كل من يريد تقويمه، ويظنّ أن الكل يقف عقبة في طريقه إلى النجاح، وأن كل من ينتقده إنما هو يسعى لإحباطه وتحطيمه، فيكبر فيه الإحساس .. حتى يتمنى أن يصل إلى المرحلة التي تسمح له بتحطيم المواهب الشابة.! وعندما يصل إلى مرحلة أن يشار إليه بالبنان؛ يبدأ جاداً في إحباط كلّ من بدأ يتلمس طريق القمة، وهو هنا دون أن يدري يكون قد أدى دور عصا (البيريجيب) بكل أمانة.!

× بعض من الناس يعتقد أنه (زول نصيحة)، وأنه يقول الحقيقة مهما كانت العواقب، فيبدأ في وعظ غيره بغية تقويمهم، وقد يكون غيره هم زملائه في العمل، بالذات الناجحين منهم، فـ يصارحهم بعيوبهم أمام الخلق، وهو في كل مرة يحبطهم ويؤدي إلى إبعادهم عمّا يريد، ويجتهد في أن يقودهم إلى مقته بكل السبل، وبعد فوات الأوان .. يتعلم ثلاثة دروس دفعة واحدة وهي:

- لا تصارح الآخرين بعیوبھم إلى أن يكتشفوھا ھم بأنفسھم.!

- انك لن تجعل أثاثك أفضل بأية درجة.. إذا حملت معولا وحطمت أثاث جارك.!

- أنّ إيقاد شمعة أخرى لن يضّر بقية الشموع.!

× أحياناً يدخلون اللص إلى السجن حتى يرعوي ويصلح حاله، وبالداخل يختلط مع المجرمين الحقيقيين، فتنتهي مدته .. فيخرج من السجن .. يتوب تماماً من سرقة البيوت.. ويتجه إلى قطع الطريق.!!

× أحياناً يدخل ابن آدم المستشفى ليتعالج من الملاريا .. فيشفى منها تماماً .. ويخرج وقد أصيب بالتايفويد.!!

× الحب من طرف واحد هو أكثر المشاعر النبيلة إيلاماً في التاريخ، تجد أن الفتى يحب تلك الفتاة حبّاً لو وزّع على أهل المدينة بالتساوي لكفّاهم جميعاً، الفتاة لا تحبه ولكنها تحترمه، وتعتبره صديقاً وأخاً أكبر لا غير، وهو يعرف هذه المعلومة جيدا، ومع ذلك يبدأ في ملاحقتها ومضايقتها في سبيل أن تحبّه، فيتحول في نظرها من شخص مُمل إلى شخص شديد الإملال، فتبدأ نظرتها إليه في التغير .. تعتبره ثقيل الظل بعد أن كان في مقام الأخ، وتبدأ في الابتعاد عنه حتى تختفي من أنظاره تماماً، ويتمنى هذا الأحمق أن تعود الصداقة القديمة، ولكن هيهات.. إنه البيريجيب العجيب يا أخي .. وقانون تقويم العصا الذي لا يخيب إلاّ نادراً .. هؤلاء الروس عباقرة بالفعل.!